الشيعي إلىٰ أعلىٰ
مراتب وجدانه الفلسفي ... (١). إن هذه الفلسفة لم تكن لقيطة معرفية أو
وليدة محاكاة لفلسفة سابقة ، ولكن هي من صميم الثقافة الإسلامية الأصيلة ومن المنطلقات التي يكنون لها الشيعة احتراماً وخصوصاً المرتبطة بالمعصومين ، إذ شكل تراث آل البيت القاعدة الأساسية للفلسفة الشيعية ، مما يعطيها مشروعيتها التاريخية ، والمعرفية ، والتي حاول محمد عابد الجابري نزعها عنها إذ يمكن اعتبار نهج البلاغة منهلاً من أهم المناهل التي استقىٰ منها المفكرون الشيعة مذاهبهم والتي كانوا ينادون بها ، لا سيما مفكروا الحقبة الرابعة ، وإنك لتشعر بتأثير هذا الكتاب بصور جمة من الترابط المنطقي في الكلام ومن استنتاج النتائج السليمة ، وخلق بعض المصطلحات التقنية العربية التي أدخلت علىٰ اللغة الأدبية والفلسفية فأضفت عليها غنى وطلاوة ، وذلك أنّها انشأت مستقلة عن تعريب النصوص اليونانية ، ومن هنا تأخذ الفلسفة الشيعية سيماها الخاص ذلك أن منكروهم خرجوا من هذا الكتاب بنظرة ميثافيزيقية كاملة باعتقادهم أن خطب الامام تشكل دوراً فلسفياً متكاملاً (٢). كما أن نهج البلاغة لم يكن الوحيد في
صياغة هذه الفلسفة بل كان لخطب الأئمة دور كبير في صياغة وتطور الفلسفة منذ زمن بعيد حيث ______________ (١) المصدر السابق ص
٢٦٥. (٢) هنري كوربان : تاريخ
الفلسفة الإسلامية ص ٨١.