الفلسفة السنية لم
تعد قادرة علىٰ أن تساير الوقائع ، لكن كاتبنا يأبىٰ إلّا أن يحيي الميت من قبره بواسطة مشروع تتضارب فيه البنىٰ المعرفية ، وما مشروعه إلّا صورة من ترديدات الغرب (١)
الفارغة ، فالعالم الغربي لم يلتقي كثيراً بالمعارف الشرقية وذلك نظراً لبعد المسافة التي كانت تفصل بين المشرق والمغرب في حين كان ابن رشد هو المتربع علىٰ كرسي الفلسفة في الغرب الإسلامي فترددت في الأوساط الغربية الفلسفة الرشدية فأخذوها ، وتوقف المد الفلسفي الغربي * في حين ظلت المدرسة الشرقية قائمة ، ومسترسلة في رسالتها الفلسفية. فما كان من الغرب إلّا أن حصر تاريخ الفلسفة الإسلامية في ابن رشد متناسين أولئك الذين في الجهة الأخرىٰ من العالم الإسلامي وظنوا أن هذه الفلسفة بلغت ذروتها معه وانقضت ، فكان هذا هو الصدىٰ الذي تركه الغرب ليصل بعد ذلك إلىٰ سماع كاتبنا فوقف عند تاريخ متقادم يفوق ٨٠٠ سنة لينطلق في التجديد ويتناسىٰ شيئاً جديداً لم يمت حيث لا زالت الحياة المعرفية والفلسفية تدب داخل مجامعه العلمية. إن هذه النظرة التقزيمية لإعادة بناء
المعارف الإسلامية علىٰ أساس نفي الطرف الآخر ، تجسد مظلومية التشيع السياسية بالاضطهاد الذي ______________ (١) يمكن إسقاط هذا
التشابه بين إرنست رنان في كتابه ابن رشد والرشدية ومحمد عابد الجابري في مشروعه الموسوم بنقد العقل العربي. (*) المقصود هنا الغرب الإسلامي.