فوقفت على شجرة من أشجار الجنة لم أر في الجنة أحسن منها حُسناً ولا أبيض منها ورقة ولا أطيب منها ثمرة ، فتناولت ثمرة من ثمرتها فأكلتها ، فصارت نطفة في صلبي ، فلمّا هبطت الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فإذا أنا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت ريح فاطمة. (١)
بلى ، إن فاطمة الزهراء عليهاالسلام مخلوقة من أحسن ثمار الجنّة ، ومن شجرة طوبى ، ثمّ حلت في رحم امرأة من خيرة نساء العالمين هي خديجة ، التي أعطت كل ما تملك لرّبها ، ولما حضرتها الوفاة لم يكن لها كفن تكفن به ، فأنزل الله لها كفناً مع جبرائيل.
فحريٌّ بهذه السيدة أن تكون الصدّيقة والمحدّثة والعليمة ؛ لأنّ لها أُمّاً كخديجة ، وأبا كرسول الله ، وبعلاً كعلي ، وأولاداً كالحسن والحسين ، وقد أدرك هذه المنزلة لفاطمة حتى النصارى ، فقال أسقف النصارى لما رأى رسول الله وعلياً وفاطمة والحسن والحسين يوم المباهلة : يا معشر النصارى إني لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. (٢)
هل فكّرت في مفردات القرآن : ( أَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) و ( نِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ ) و ( أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) فمن هو علي ؟ ومن هي الزهراء ؟ ومن هو الحسن ومن هو الحسين ؟ إنّها مفردات معنوية وأسماء سماوية يجب الوقوف عندها والتأمل فيها.
إن فاطمة وأباها جوهر واحد ، وعلي والرسول نفس واحدة ، وقد زوّج رسول الله علياً بفاطمة ، لأنه كفؤها وليس لها كفؤ غيره ، وذلك بأمر من الرب الجليل ، فرزقهم الله أولاداً طاهرين مطهرين معصومين هم أئمة المسلمين.
_______________________________________
١. المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠١ ، الدر المنثور ٤ : ١٥٣.
٢. الكشاف ١ : ٣٦٩ ، تفسير الرازي ٨ : ٧١ ، السيرة الحلبية ٣ : ٢٣٦ ، الطرائف : ٤٢ ، مجمع البيان ٢ : ٣١٠.