القرب ، للنسب واللحمة ، بل للجهاد والنصيحة. (١)
ثم قالت الزهراء عليهاالسلام بعد ذلك : ( فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نساءكم وأخا ابن عمي دون رجالكم ، ولنعم المعزيُّ إليه صلىاللهعليهوآله ).
بهذه الكلمات أرادت السيدة الزهراء أن تنوه إلى مقامها المعنوي ، وأن ذلك لم يأت للّحمة النسبية بينها وبين رسول الله.
وحتى لو قلنا أنها أرادت أن تبيّن لهم اللحمة النسبية بينها وبين رسول الله ، فهي أرادت أن تُعرّف نفسها طبق هذه اللحمة حتى تترتّب عليها المطالبة بحقوقها.
كل ذلك وهي عليهاالسلام تؤكد على دور الشيطان في إغوائهم ، وأنه الزمهم السكوت في عهده صلىاللهعليهوآله حفاظاً على مصالحهم ، لكن حَسيكة النفاق ظهرت عندهم بعد وفاته صلىاللهعليهوآله فصاروا كأمة موسى من بعده ، ورسولُ الله كان قد أخبر أُمته بذلك بقوله : لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا جُحر ضب لاتبعتموهم. (٢)
وقال صلىاللهعليهوآله في خطبة الوداع : ويحكُم ـ أو قال : ويلكم ـ لا ترجعنّ بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض. (٣) وقال في حديث الحوض : ألا وإنّه سيجاء برجال من أُمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول ... . (٤)
بهذه الطريقة بيَّن الرسول الأكرم تخوفه على أُمته ، وأرشدهم إلى الحذر وعدم
_______________________________________
١. شرح النهج ٢٠ : ٢٩٩ / ٤١٤.
٢. صحيح مسلم ٨ : ٥٨ ، الطرائف : ٣٧٩ / ٢١ من المتفق عليه ، مسند أحمد ٢ : ٥١١.
٣. صحيح البخاري ١ : ٣٨ ، ٢ : ١٩١ ، ٥ : ١٢٦ ، ٧ : ١١٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٠ / ٣٩٤٣ ، مسند أحمد ٢ : ٨٥ ، بغية الباحث : ٢٤٥ ، وغيره.
٤. صحيح البخاري ٥ : ٢٤٠ ، ٧ : ٢٠٦ ، صحيح مسلم ١ : ١٥٠ ، ٧ : ٦٨ ، سنن الترمذي ٤ : ٣٨ ، وغيره.