ألا تعدّ مثل هكذا ممارسات من عائشة ضمن الأعمال البعيدة عن حريم الصادقين ، لان فيها تفريقاً بين المرء وزوجه.
ولا أدري كيف يقبل المسلم أن تكون عائشة هي الصدّيقة وهو يعلم بنزول سورة التحريم في شأنها ، وأنها هي التي ألزمت رسول الله أن يحرم على نفسه ما أحل الله له فيما هو مطروح.
وكيف بصدّيقة كعائشة أن تتظاهر مع حفصة على النبي حتى أنزل سبحانه وتعالى فيهما قوله : ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ * إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ ). (١)
وقد سأل ابن عباس عمر بن الخطاب بقوله : من المرأتان المتظاهرتان على رسول الله ؟ فما قضى كلامه حتى قال : عائشة وحفصة.(٢)
وقد عيّر عثمان عائشة بذلك ، فقد أخر عثمان عن عائشة بعض أرزاقها فغضبت ، ثم قالت : يا عثمان أكلت أمانتك ، وضيعت الرعية ، وسلطت عليهم الأشرار من أهل بيتك ، والله لولا الصلوات الخمس لمشى إليك أقوام ذوو بصائر يذبحونك كما يذبح الجمل ، فقال عثمان : ( ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ) (٣) ... الآية.
_______________________________________
٨ : ١٤٥ ، المحبر : ٩٥ ، المنتخب من ذيل المذيل : ١٠٦.
١. التحريم : ٣ ـ ٤.
٢. تفسير الطبري ٢٨ : ٢٠٧ ح ٢٦٦٧٨ ، صحيح البخاري ٦ : ٦٩ ، تفسير سورة التحريم الباب ٣ و ٤ و ج ٧ : ٤٦ كتاب اللباس ، باب ما كان يتجوز رسول الله من اللباس والزنية ، صحيح مسلم ٤ : ١٩٠ ـ ١٩٢ ، كتاب الطلاق ، باب في الإيلاء واعتزال النساء ، مسند أحمد ١ : ٤٨.
٣. المحصول للرازي ٤ : ٣٤٣ ، الفتوح ٢ : ٤٢١.