وهذا النص صريح ولا يحتاج إلى مزيد تفسير وتحليل ، فالصدّيقة فاطمة الزهراء كذّبت الصدّيق أبا بكر بقولها : يا ابن أبي قحافة ! أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي ، ( لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ).
وكذا في كلامها بأنّ أبا بكر وأنصاره زعموا أن لا حظوة ولا إِرث لها من أبيها جريا مع أحكام الجاهلية ، وهو ما يخالف عمومات القران في الوصية والإرث ، فكيف بأبي بكر يرث أباه ، والزهراء لا ترث أباها ؟ أفخصهم الله بآية أخرج منها النبي محمداً صلىاللهعليهوآله ؟ أم يقولون أهل ملتين لا يتوارثان ؟ أو أنهم يريدون أن يقولوا بأنّ الزهراء ليست بابنة الرسول صلىاللهعليهوآله والعياذ بالله.
لان العقول لا تصدق أن يكون الرسول قد بين هذا الحكم لغير الوارث وتركه البيان للوارث ؟
بل كيف تصدّق العقول تخصيص الكتاب بالخبر الواحد الذي لم يصدّقه علي وفاطمة سلام الله عليهما ؟
وكيف تصدّق العقول تخصيص الكتاب بالخبر الواحد الذي لم يصح الأخذ بعموم ظاهره ، لمخالفته لما ثبت من سيرة الأنبياء الماضين صلوات الله على نبينا وآله عليهم ؟
هذا وإن الزهراء بكلامها قررت ترك القوم العمل بكتاب الله ، لأنّ كلمة ( ورث ) عامة وتدل على المال كما هو المشاهد في عدة آيات ولم تقيد بقيد إضافي ، لكنهم صرفوا الإرث إلى وراثة الحكمة والنبوة دون الأموال ؛ تقديماً للمجاز على الحقيقة ، مع العلم بأنّ وراثة النبوة والعلم لا تعني إبطال الميراث المالي ، بل وراثة النبوة ملازمة للوراثة المالية ، وهذه الوراثة ملازمة لأهلها من الأزل عند بارئها و ( اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ).