والآن نسائل أبا بكر : إن بيت رسول الله إما خاصة له ، أو من جملة تركته صلىاللهعليهوآله ؟
فإن كان له خاصة فهو صدقة وقد جعله للمسلمين كما زعمه ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ) فلا يجوز أن يختص به واحدٌ دون آخر.
وإن كان من جملة تركته وميراثه ، وأنه صلىاللهعليهوآله يورِّث كغيره من المسلمين ، فهما ـ أبو بكر وعمر ـ لم يكونا ممن يرث رسول الله يقينا !
لا يقال : إنّ ذلك من حصّة عائشة وحفصة.
فإنه يقال : إن نصيبهما لا يبلغ مفحص قطاة ، لأنه صلىاللهعليهوآله مات عن تسع نسوة و بنتٍ لصلبه ، فلكلّ واحدة من نسائه تسع الثمن ، فما بال عائشة وحفصة ترثان ولا ترث فاطمة وهي بنته من صلبه ؟!
ولو كان أبو بكر واثقاً من صحة ما حدّث به وما ذهب إليه ، فلماذا يسعى لاسترضاء الزهراء عليهاالسلام ويتأسّف في أخريات حياته متمنيا أنه لم يكشف بيتها ؟ (١)
ولو صح ما قاله أبو بكر عن الأنبياء أنهم لا يورّثون ، لاشتهر بين الأمم الأخرى والأديان السماوية ولعرفه أتباع الأنبياء ؟ مع العلم بأن فدكا مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، بل استسلم أهلها خوفاً ورعباً ، فهي للنبي خاصة خالصة باتفاق علماء الفريقين ؛ لقوله تعالى : ( وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ). (٢)
قال ابن أبي الحديد : لقد كان التكرم ورعاية حقّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وحفظ عهده ، يقتضي أن تعوض ابنته بشيء يرضيها إن لم يستنزل المسلمون عن فدك ،
_______________________________________
١. المعجم الكبير ١ : ٦٢ ح ٤٣ ، تاريخ الطبري ٢ : ٦١٩ ، تاريخ دمشق ٣٠ : ٤١٨ ، ٤٢٠ ، الخصال للصدوق : ١٧٢ ح ٢٢٨.
٢. سورة الحشر : ٦.