فانظر إلى استدلال الإمام علي والصدّيقة الزهراء وقوة حجتهما على الخصم ، بحيث قال عمر : دعنا من كلامك ، فإنّا لا نقوى على حجّتك. وإن الأنصار لما سمعوا حجتها عليها السلام في كون الخلافة في علي قالوا لها : يا بنت رسول الله ؛ قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أنّ زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به. (١)
وفي آخر : لو سمعنا حجتكم ما عدلنا عنكم. (٢)
وكيف لا تفيد شهادة علي ـ وخصوصاً لو ضم إليها شهادة غيره ـ للقطع واليقين.
بل لم تعتبر الصديقة الطاهرة كأحد النساء المؤمنات الصالحات ويطلب في إثبات دعواها إلى بينة ؟!
مع علمنا بأن البينة طريق ظني مجعول لاثبات ما يحتمل ثبوته ، فلا مورد لها مع القطع واليقين المستفاد في المقام من قول سيّدة النساء التي طهّرها الله تعالى وجعلها بضعة من سيّد أنبيائه ، لأنّ القطع طريق ذاتيّ إلى الواقع لا بجعل جاعل ، فلا يمكن رفع طريقيّته أو جعل طريق ظاهريّ على خلافه ، ولذا كان الأمر في قصّة شهادة خزيمة للنّبي صلىاللهعليهوآله هو ثبوت ما ادّعاه النّبي صلىاللهعليهوآله بلا بيّنة مع مخاصمة الأعرابي له ، فإنّ شهادة خزيمة فرع عن قول النبي صلىاللهعليهوآله وتصديق له ، فلا تفيد أكثر من دعوى النبي صلىاللهعليهوآله ، بل كان اللازم على أبي بكر والمسلمين أن يشهدوا للزّهراء عليهاالسلام
_______________________________________
١. الاحتجاج للطبرسي ١ : ١٢٢ ، تفسير القمي ٢ : ١٥٦ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٩٣ ح ٣٣٧٨١. ومثل هذا الكلام أطلقته أم المؤمنين عائشة قبل حرب الجمل الكبرى حيث احتج عليهم أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقالت عائشة في جوابها لعبد الله بن عباس وزيد بن صوحان اللذين بلغاها رسالة علي بن أبي طالب عليهالسلام قالت : ما أنا برادة عليكم شيئا ، فإنّي أعلم لا طاقة لي بحجيج علي بن أبي طالب. الفتوح لابن أعثم ١ : ٤٧١.
٢. الإمامة والسياسة ١ : ١٩ ، شرح النهج ٦ : ١٣ ، بحار الأنوار ٢٨ : ١٨٦ ، ٣٥٢ ، ٣٥٥.