تصديقاً لها ، كما فعل خزيمة مع النبي صلىاللهعليهوآله وأمضى النبي صلىاللهعليهوآله فعله. (١)
وقال السيد المرتضى في ردّه على قاضي القضاة : إنّ البيّنة إنّما تراد ليغلب في الظنّ صدق المدّعي ، ألا ترى أنّ العدالة معتبرة في الشهادات لمّا كانت مؤثّرة في غلبة الظنّ ؛ لما ذكرناه ولهذا جاز أن يحكم الحاكم بعلمه من غير شهادة ؛ لأنّ علمه أقوى من الشهادة ، ولهذا كان الإقرار أقوى من البيّنة من حيث كان أبلغ في تأثير غلبة الظنّ ، وإذا قدّم الإقرار على الشهادة لقوّة الظنّ عنده فأولى أن يقدم العلم على الجميع ، وإذا لم يُحْتَج مع الإقرار إلى شهادة ـ لسقوط حكم الضعيف مع القويّ ـ فلا يحتاج أيضاً مع العلم إلى ما يؤثّر الظنّ من البينات والشهادات ... . (٢)
إذن الحق مع علي بن أبي طالب ، والكلّ يعلم هذه المسألة ، لكنّ الأهواء دعتهم إلى أن يدّعوا شيئاً مخالفاً للقران الكريم ، والسنة النبوية ، والعقل السليم.
وحسبك أن المأمون العباسي أحرج العلماء الذين حضروا مجلسه وتعرضوا إلى مسالة فدك وإرث الرسول ، فسألهم المأمون عن فضائل لعلي فذكروا طُرَفاً جليلة له عليهالسلام ، وسألهم عن فاطمة فرووا لها عن أبيها فضائل جمة ، وسألهم عن أم أيمن وأسماء بنت عميس فرووا عن النبي محمّد صلىاللهعليهوآله أنهما من أهل الجنة.
فقال المأمون : أيجوز أن يقال أو يعتقد أنّ علي بن أبي طالب مع ورعه وزهده يشهد لفاطمة بغير حقّ ، وقد شهد الله تعالى ورسوله بهذه الفضائل له ؟
أو يجوز مع علمه وفضله أن يقال : إنّ فاطمة مع طهارتها وعصمتها وأنها سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة ـ كما رويتم ـ تطلب شيئاً ليس لها ، تظلم فيه جمع المسلمين ، وتقسم عليه بالله الذي لا إله إلا هو ؟
_______________________________________
١. دلائل الصدق ٢ : ٣٩.
٢. الشافي ٤ : ٩٦ ـ ٩٧ وعنه في شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٧٣ ـ ٢٧٤.