أو يجوز أن يقال عن أم أيمن وأسماء بنت عميس : أنهما شهدتا بالزور ، وهما من أهل الجنة ؟ إن الطعن على فاطمة وشهودها طعن على كتاب الله وإلحاد في دين الله ، حاشا الله أن يكون ذلك كذلك. (١)
ولا أدري كيف ردّ أبو بكر شهادة علي ، في حين أن عليا ليس بأقلّ من خزيمة بن ثابت ( ذي الشهادتين ) ، بل هو أعلى وأسنى ، وهو المطهّر والمنّزه وأخو الرسول الأمين بل هو نفسه صلىاللهعليهوآله.
ولو تنزلنا فسلمنا أن شهادة الإمام كشهادة غيره من عدول المسلمين ، فهلّا استحلف أبو بكر فاطمة بدلاً من الشاهد الثاني ، فإن حلفت وإلّا رُدّت دعواها ؟ وهذا ما لم نره في فعل أبي بكر ، وإنما رد الدعوى ملغيا شهادة علي وأُم أيمن وأسماء ؟
إنها مصيبة والله ، بل أعظم مصيبة وفتنة ، إنها فتنة تدنيس المقدّسات وتغيير أحكام الله باسم رسول الله والدين ، فحقَّ للزهراء البتول أن تقول ( أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ). (٢)
وحريٌ بنا هنا أن نأتي بكلام الفارقي وهو أحد شيوخ ابن ابي الحديد المعتزلي ، إذ سأله ، فقال له : كانت فاطمة صادقة في دعواها النحلة ؟
قال : نعم.
قال له ابن أبي الحديد : فلِمَ لم يدفع لها أبو بكر فدكاً وهي عنده صادقة ؟ فتبسم ، ثمّ قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلّة دعابته ، قال : لو أعطاها اليوم فدكاً ، بمجرد دعواها لجاءت إليه غدا وادّعت لزوجها الخلافة
_______________________________________
١. الطرائف : ٢٥٠.
٢. وهو قولها عليهاالسلام في خطبتها التي نقلنا بعضها آنفا : زعمتم خوفَ الفتنة ( أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ).