وزحزحته عن مقامه ، ولم يكن يمكنه حينئذ الاعتذار بشيء ، لأنّه يكون قد سجلَّ على نفسه بأنها صادقة فيما تدّعِي كائنا ما كان من غير حاجة إلى بينة ولا شهود. (١)
والآن أرجع متسائلاً :
هل يعقل أن تطلب فاطمة عليهاالسلام ـ وهي سيدة نساء أهل الجنة وسيدة العالمين ، مع طهارتها وعصمتها وأن الله أوقف رضاه على رضاها وغضبه على غضبها ـ شيئاً ليس لها فيه حق ؟!
وهل تريد بفعلها ظلم جميع المسلمين بأخذها أموالهم ؟
وهل يجوز لعليّ أن يشهد لفاطمة بغير حق ؟! أو يمكن تصوّر مخالفته للحق ، ورسول الله يقول : علي مع الحق والحق مع علي ؛ ويقول : اللهم أدر الحق معه حيث دار. وهل يجوز القول عن أم أيمن ـ المشهود لها بالجنة ـ أنها قد شهدت زوراً ؟
نعم إننا لا يمكننا أن نزكّي أبا بكر والزهراء معاً ، إذ لو صدّقنا أبا بكر في دعواه ـ وهي دعوى كاذبة قطعاً ـ للزمنا تكذيب الدعوى المقابلة ، وإن كان أبو بكر كاذباً فالزهراء ـ كما هو الحق ـ صادقة لا محالة. فلا يمكن أن نجمع بينهما بجامع الصدّيقية. إنها مفارقة !
وهكذا الحال بالنسبة إلى أحاديث ( من خرج على إمام زمانه ) أو ( مات وليس في عنقه بيعة ) أو ( لم يعرف أمام زمانه ) أو ( من خرج من طاعة السلطان شبراً مات ميتة جاهلية ).
فنحن لو قبلنا هذه النصوص معتبرين أبا بكر إماماً لزمانه ، للزم أن تكون الزهراء ـ سيدة نساء العالمين والمطهرة بنص القران والحديث ـ قد ماتت ميتة جاهلية !!!
وأما لو شككنا في كونه إمامَ ذلك العصر ؛ لعدم النصّ عليه ، وعدم أهليته
_______________________________________
١. شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٨٤.