فلو كان صادقاً في كل ما يقوله فلماذا لم يعطها فدكاً ، وليس بعد اليقين غاية يطلبها الحاكم في المرافعات ، ففي سنن أبي داود انه إذا علم الحاكم صدق شهادة الواحد يجوز أن يقرّ به. (١)
وروى الترمذي : بسنده عن أبي جحيفة ، قال : رأيت رسول الله أبيضَ قد شاَبَ ، ... وأمر لنا بثلاثة عشر قلوصاً ، فذهبنا نقبضها فأتانا موته فلم يعطونا شيئاً ، فلما قام أبو بكر قال : من كانت له عند رسول الله صلىاللهعليهوآله عِدةٌ فليجئْ ، فقمت إليه فأخبرته ، فأمر لنا بها. (٢)
وأخرج البخاري في كتاب الكفالة « باب من يكفل عن ميت ديناً » : انّ جابر بن عبدالله الأنصاري ادّعى [ في زمن أبي بكر ] أن رسول الله وعده أن يعطيه من مال البحرين ، فأعطاه [ أبو بكر ] ألفاً وخمسمائة دينار من بيت المال دون أن يطلب منه بينة على ذلك.
قال ابن حجر في فتح الباري ( باب من يكفل عن ميت ديناً ) : وفيه قبول خبر الواحد العدل من الصحابة ولو جر ذلك نفعاً لنفسه. (٣)
وهنا يحق السؤال : أكان أبو جحيفة وجابر أصدق عند أبي بكر من الصدّيقة فاطمة سلام الله عليها ؟! وخصوصاً مع اقترانها بشهادة زوجها الصدّيق الذي هو نفس رسول الله ووصيه ، وأم أيمن وأسماء بنت عميس وكلّهم من أهل الجنة ؟ أم أنّ المسالة مسالة سياسية ودنيوية ؟
وبعد هذا هل تقتنع بما علّله الايجي لأبي بكر :
_______________________________________
١. سنن أبي داود ٢ : ١٦٦.
٢. سنن الترمذي ٤ : ٢١٠ ح ٢٩٨٣ ، المعجم الكبير ٢٢ : ١٢٨.
٣. انظر صحيح البخاري ٣ : ٥٨ كتاب الإجارة ، باب الكفالة في القرض والديون و ص ١٣٧ من كتاب المظالم ، باب من لم يقبل الهدية لعلة ، فتح الباري ٤ : ٣٨٩.