|
ومن المستغربات ما أورده ابن مردويه في تفسيره من طريق عيسى بن طهمان عن أنس أن أبا بكر وعمر كانا [ ضمن العشرة الذين شربوا الخمر فيهم ]. وهو منكر مع نظافة سنده ، وما أظنه إلّا غلطاً. وقد أخرج أبو نعيم في حلية الأولياء في ترجمة شعبة من حديث عائشة ، قالت : حرّم أبو بكر الخمر على نفسه فلم يشربها في جاهلية ولا إسلام. ويحتمل إن كان محفوظاً أن يكون أبو بكر وعمر زارا أبا طلحة في ذلك اليوم ولم يشربا معهم ، ثم وجدت عند البزار من وجه آخر عن أنس قال : كنت ساقي القوم ، وكان في القوم رجل يقال له : أبو بكر ، فلما شرب قال : نحيي بالسلامة أم بكر ... . فدخل علينا رجل من المسلمين فقال : قد نزل تحريم الخمر ... الحديث. وأبو بكر هذا يقال له : ابن شغوب ، فظن بعضهم أنه أبو بكر الصدّيق وليس كذلك ، ولكن قرينة ذكر عمر تدل على عدم الغلط في وصف الصدّيق ، فحصلنا تسمية عشرة ، انتهى. (١) |
فالقضية لا يمكن تصورها في الجاهلية ، لأنّ رسول الله لم تكن له تلك الحكومة عليهم حتى يخافوه ويهابوه ، وكذا لا يمكن أن تكون قبل نزول قوله تعالى : ( وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ) وقوله تعالى : ( لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ ) وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) (٢) لأنّه عقاب قبل البيان ، ولو راجعت صحيح البخاري وصحيح مسلم (٣) لرأيت أن نادي الخمر هذا ، كان عام الفتح سنة ثمان من
_______________________________________
١. فتح الباري ١٠ : ٣١ ـ ٣٢.
٢. المائدة : ٩١.
٣. صحيح البخاري كتاب
التفسير ، في سورة المائدة آية الخمر ، صحيح مسلم كتاب الأشربة باب تحريم