وكان التاريخ به (١) حتّى أرّخ عمر بن الخطاب من الهجرة. وإنّما أرّخ عمر بعد سبع عشرة سنة من مهاجر الرسول صلىاللهعليهوآله).
قال الشعبي : كتب أبو موسى إلى عمر أنه يأتينا من قبلك كتب ليس لها تاريخ ، فأرّخ. فاستشار عمر في ذلك ، فقال بعضهم : أرّخ لمبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله. وقال بعضهم : لوفاته. فقال عمر : بل يؤرّخ لمهاجر رسول الله صلىاللهعليهوآله فإن مهاجرة فرق بين الحقّ والباطل ، فأرّخ لذلك.
وقال سعيد بن المسيّب : كتب التاريخ بمشورة عليّ عليهالسلام.
قال المدائنيّ : واختلفوا بأيّ شهر يبدؤون ، فقال عثمان : أرّخوا المحرّم أول السنة) ، انتهى.
ثمّ قال : (وكان التاريخ من شهر ربيع الأوّل ، إلّا إنّهم ردّوه إلى المحرّم ؛ لأنه أوّل السنّة) (٢) ، انتهى.
إلى هنا عبارة المجلسيّ ، رحمهالله تعالى.
وفيه أن نسبته التاريخ إلى عمر وأنه اخترعه وأنه ساقط ساقط ؛ لأنه إنّما وقع بمشورة أمير المؤمنين عليهالسلام كما روي ، واعترف به غير واحد من العامّة (٣) فضلاً عن الخاصّة.
ولو فرض عدم ثبوته ، فلا شكّ في أن أهل البيت عليهمالسلام من زمن أمير المؤمنين عليهالسلام إلى يومنا هذا قد أقرّوا الناس على هذا التاريخ ، بل هم عليهمالسلام أرّخوا بذلك كثيراً كما يظهر بأدنى تتبّع. وتقريرهم وفعلهم كأمرهم في الحجّيّة ، بل المسألة إجماعيّة بين الأُمّة ، قد اتّفقت عليه جميع فرقها على تباينهم ، بل هو ملحق بالضروريّات كوجوب الوضوء ونحوه. فقد اتّفقت عليه نصوص الأُمّة والأئمّة ، وفتاواهم وعملهم في سائر الأصقاع والأزمان.
__________________
(١) أي في عام الفيل.
(٢) مرآة العقول ٥ : ٣٥٠.
(٣) انظر تاريخ الطبريّ ٢ : ٤ ٥ ، ٤٧٦.