بين المتعاطفين ، وإن كان هناك في الواقع مصاحبة ، إلا إنها غير مقصودة ولا مفهومة من موضوع الواو العاطفة ، بل عمّم الأمر نجم الدين سعيد فحكم بأن كلّاً من واو العطف والمعيّة موضوع للمصاحبة. وإنّما الفرق بينهما أن العاطفة تفيد مع المصاحبة التشريك في الحكم ، بخلاف واو المفعول معه ؛ فإنها لا تدلّ إلّا على مطلق المصاحبة وإن كان في العاطفة ، مخالفاً لما هو المشهور بينهم من أن العاطفة لمطلق الجمع.
ولا يصح مثالنا ويقبله الله تعالى إلّا إذا قصد التشريك بين المُظهَر والكناية في الصلاة ، وهو مستحيل مع نصبه على أنه مفعول معه.
فإن قلت : كلام الرضيّ رحمهالله تعالى صريح في صحّة قصد التشريك في المفعول معه ؛ لأنه قال : (ونعني بالمصاحبة كونه يعني المفعول معه مشاركاً لذلك المعمول يعني المصاحب في ذلك الفعل في وقت واحد ، فـ (زيد) في (سرت وزيداً) مشارك للمتكلم في السير في وقت واحد أي وقع سيرهما معاً وفي قولك : (سرت أنا وزيد) بالعطف يشاركه في السير ، لكن لا يلزم كون السيرين في وقت واحد) (١) ، انتهى. وهو صريح لا يقبل التأويل.
قلت : هذا سهو لا يجوز المصير إليه ، ولا التعويل عليه ؛ لمخالفته لما صرّح به جلّ أرباب الصناعة ، ولعلّه نشأ من اشتراط الأخفش (٢) ، والخليل في نصب الاسم على أنه مفعول معه جواز عطفه من حيث المعنى على مصاحبه ؛ لأنه قرره وذلك بناءً على أن (الواو) أصلها العطف أي أن واو المصاحبة أصلها واو العطف بمعنى أن المفعول معه في الأصل معطوف عدل به إلى النصب ؛ لقصد التنصيص على المصاحبة مع بقاء مشاركته لما قبله ، كما هو صريح عبارة الرضيّ.
وفيه :
أمّا أولاً ، فلا نسلّم أنها واو العطف ، بل [هي (٣)] غيرها وضعاً ، كما هو ظاهر
__________________
(١) شرح الرضيّ على الكافية ١ : ٥١٥.
(٢) عنه في شرح الرضيّ على الكافية ١ : ٥١٩.
(٣) في المخطوط : (في).