كافر (١). إلّا إن هذه جزئيّة مع إمكان كلّيّتها ، وإن كان بحسب الظاهر بعيداً. وقد استفاض أن الليلة التي ولد فيها رسول الله صلىاللهعليهوآله حُجبت [فيها] الشياطين عن جميع السماوات ، ومنعوا من اختراق السمع ، ورموا بالشهب (٢) ، وغير ذلك من بركة تلك الليلة التي عمّت بركتها العالمين.
الثاني : أن تكون الليلة التي يولد فيها المعصوم من السبع بخصوصها وجزئيّتها ينمحق نحسها كما تنطفي نار الشيطان عند التفات المعصوم إليه وتخمد ، بل جهنم الكبرى جازوها وهي خامدة ، وأكلوا السموم الشديدة فلم تؤثّر ، وضربوا بالسيوف فنبتْ ، وأُلقي إبراهيم عليهالسلام في النار فكانت برداً ، إلى غير ذلك ممّا دلّ على قاهريّتهم للطبائع والأكوان. وعلى هذا يكون سرّ ولادته في يوم منحوس ظهورَ تلك القاهريّة والسلطنة الربّانيّة ، وأنه نور يضيء به كلّ مظلم ، وينمحق به كلّ ظلام وشرّ.
الثالث : أن يكون اليوم الذي يولد فيه من السبعة ظاهره نحس وباطنه سعد ، خصوصاً بالنسبة إلى الوليّ ، فإنّ قبول الولاية لغموض دليله وكونه مظهر ولاية الله العظمى لا تقبلها أكثر النفوس ، لأنه أمر لجميع النفوس بالسكون والتسليم ، وقد جبلت على الحركة ، فذلك بلواها ومحكّها ، فهي وما نسب لها تعدّه أكثرُ النفوس نحساً وهي سعد. فظاهرها نحس وباطنها سعد مؤبّد ؛ ولذا ورد أن زحل نجم علي عليهالسلام (٣) ، وورد أن ظاهره نحس وباطنه سعد ، والله العالم بحقائق أوليائه.
وقال الشيخ المفيد في (الإرشاد) : (ولد عليهالسلام بمكّة في بيت الله الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل. ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله تعالى سواه إكراماً له من الله تعالى بذلك .. وكان مقامه مع رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد البعثة ثلاثاً و [عشرين (٤)] سنة ، منها ثلاث [عشرة (٥)] بمكّة قبل الهجرة ، وعشر سنين
__________________
(١) بحار الأنوار ٥١ : ٢٨.
(٢) بحار الأنوار ١٥ : ٢٥٧ ٢٦٢ / ٩ ، ١١ ، ١٢.
(٣) الاحتجاج ٢ : ٢٥٢ / ٢٢٤ ، بحار الأنوار ٥٥ : ٢١٩ / ١ ، ٢٧٠ ، ٥٦ : ١١٣.
(٤) من المصدر ، وفي المخطوط : (ثلاثين).
(٥) من المصدر ، وفي المخطوط : (وعشرون).