٣٧ وعن عمر بن سعد باسناده قال : كان من أهل الشام بصفين رجل يقال له الاصبغ بن ضرار وكان يكون طليعة ومسلحة فندب له علي عليهالسلام الاشتر فأخذه اسيرا من غير أن يقاتل وكان علي عليهالسلام ينهى عن قتل الاسير الكاف فجاء به ليلا وشد وثاقه وألقاه مع اضيافه ينتظر به الصباح ، وكان الاصبغ شاعرا مفوها فأيقن بالقتل ونام أصحابه فرفع صوته فأسمع الاشتر أبياتا يذكر فيها حاله يستعطفه ، فغدا به الاشتر على علي عليهالسلام فقال : يا أمير المؤمنين هذا رجل من المسلحة لقيته بالامس والله لو علمت أن قتله لحق قتلته ، وقد بات عندنا الليلة وحركنا بشعره فان كان فيه القتل فاقتله وإن غضبنا فيه ، وإن كنت فيه بالخيار فهبه لنا قال : هو لك يا مالك ، فاذا أصبت اسيرا فلا تقتله فان أسير أهل القبلة لا يفادى ولا يقتل فرجع به الاشتر إلى منزله وقال : لك ما أخذنا معك ليس لك عندنا غيره (١).
٣٨ ـ ومنه عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن عمير الانصاري قال : والله لكأني اسمع عليا عليهالسلام يوم الهرير وذلك بعد ما طحنت رحا مذحج فيما بينها وبين عك ولخم وجذام والاشعريين بأمر عظيم تشيب منه النواصي من حين استقلت الشمس حتى قام قائم الظهيرة ويقول علي عليهالسلام لاصحابه حتى متى نخلي بين هذين الحيين وقدفنيتا وأنتم وقوف تنظرون إليهم ، أما تخافون مقت الله ، ثم انفتل إلى القبلة ورفع يديه إلى القبله ثم نادى يا الله يا رحمن يا واحد يا صمد يا الله يا إله محمد صلىاللهعليهوآله اللهم إليك نقلت الاقدام وافضت القلوب ، ورفعت الايدي ، ومدت الاعناق ، وشخصت الابصار ، وطلبت الوائج ، اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا صلىاللهعليهوآله وكثرة عدونا ، وتشتت أهوائنا ، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ، سيروا على بركة الله ، ثم نادى لا إله إلا الله والله أكبر كلمة التقوى (٢).
__________________
(١) نفس المصدر ص ٥٣٤ وفيه ١٢ بيتا قالها الاصبغ في تلك الليلة.
(٢) وقعة صفين ص ٥٤٥.