هِشام بن الحكم ، عن جاثِليقَ من جَثَالِقَةِ النَّصارى ، يقال له : (بُرَيْهَةُ) ، قد مكث جاثِلِيق النصرانيّة سبعينَ سنةً وكان يَطْلُب الإسلام ، ويَطْلُبُ من يحتجُّ عليه ممّن يقرأ كتبه ويعرف المسيح عليهالسلام بصفاته ودلائله وآياته ، قال : وعرف بذلك حتى اشتهر في النّصارى والمسلمينَ واليهودِ والمجوسِ ، حتى افتخرت به النّصارى ، وقالت : لو لم يكن في دين النّصرانيّة إلاّ بُريهَةُ لأجْزَأنا ، وكان طالباً للحق والإسلام مع ذلك. إلى أنْ قال قال يُونُسُ بن عبد الرّحمن : فقال لي هِشام : بينما أنا على دُكّاني على باب الكرخ جالس وعندي قوم يقرءون عليّ القرآن ، فإذا [أَنا] بفوج النصارى معه ما بين القِسيسِينَ إلى غيرِهم نحوٌ من مائه رجلٍ عليهم السّوادُ والبَرانِسُ والجّاثِليقِ الأكبرُ فيهم بُرَيْهَة.
ثم ساق احتجاجه مع هشام في كلام طويل ، قال : وافترق النّصارى وهم يتمنّون أنْ لا يكونوا رأوا هِشاماً ولا أصحابه.
قال : فَرَجَعَ بُرَيْهَةُ مغتمّاً مهتمّاً حتّى صار إلى منزله.
فقالت امرأته التي تخدِمُه مالي أراك مغتمّاً مهتمّاً؟ فحكى لها الكلام الذي كان بينه وبينَ هِشَامٍ ، فقالت لِبُرَيْهَةَ : ويحك أتريدُ انْ تكون على حقّ أو على باطل؟! قال بُرَيْهَةُ : بَلْ على الحقّ ، فقال : أينما وجدت الحقّ فَمِلْ إليه ، وإيّاكَ واللَّجَاجَة ، فإنَّ اللَّجاجَة شكٌّ ، والشَّك شؤمٌ ، وأهلُهُ النَّار.
قال : فصوّب قولَها وعَزَم على الغُدو على هشام.
وساق غدوّة إليهِ واحتجاجه ثانياً. إلى أن قال : فارتحلا حتّى أتَيا المدينةَ ، والمرأةُ معهما [وهما] يُريدان أبا عبد الله عليهالسلام فَلَقيا موسى بن جعفرٍ عليهماالسلام فحكى له هِشَامٌ الحكاية ، فلمّا فَرغَ ، قال موسى بن جعفر