وحساده فانهم خطأوه. وشجعوا الخليفة على الحرب ، وترك المهادنة (١) وقد كان ابوه المستنصر قد استكثر من الجند جداً ، ومع ذلك كان يصانع التتار ، ويهادنهم ويرضيهم (٢) ، ولعله لو قبل هذه النصيحة ، وسلك على منهاج ابيه لدفع عن المسلمين هذه المصيبة العظمى.
ويظهر مما انشأ الشيخ الاديب الشاعر سعدى الشيرازى فى مرثية المستعصم ان الملك ابابكر بن سعد الزنكى ايضاً اشار الى المستعصم بالمصانعة والمهادنة فلم يقبل نصيحته ، وقد دفع هذا الملك التتار بالمصانعة ، والتدبير عن بلاد فارس.
وذكروا (٣) من تكبر الخليفة انه كان فى طريق بلاطه حجر كالحجر الاسود عليه غطاء اطلس اسود ، وكان الملوك والسلاطين وكبراء الناس وغيرهم يزورون ذلك الغطاء ، ويستلمون الحجر ، وذكروا ان العالم المتورع مجد الدين اسمعيل الفالى الذى ارسله اتابك مظفر الدين سعد رسولا الى الخليفة امتنع عن تقبيل الحجر المذكور ـ ونعم ما فعل فانه يجب على كل مسلم موحد مؤمن بالله ورسوله ان يمتنع عن ذلك فلما الزموه وضع
ــــــــــــــ
يدبر شأن نفسه مع التارتار وهو يروم تسليمنا اليهم فلا نمكنه من ذلك فبطل الخليفة بهذا السبب تنفيذ الهدايا الكثيرة ، واقتصر على شىءِ نزر لا قدر له فغضب هولاكو الخ.
(١) يراجع تاريخ ابن كثير ج١٣ ص٢٠٠ ، وروضة الصفا ج٥ ص٢٤٠ و ٢٤١ والحوادث الجامعة ص٣١٩ جامع التواريخ ج٢ ص٧٠٢ ، وذيل تاريخ جهانگشا الجوينى ج٣ ص٢٨٠ و ٢٨١ ،
(٢) تاريخ الخلفاء ص٣٠٩.
(٣) روضة الصفا ج٥ ص٢٣٥ و ٢٣٦ ـ تاريخ وصاف الحضرة ص٢٧.