إلى غير أبيه الشرعي ـ وقد كان عبيد الله بن مَرجانة ، مُستلحَقاً بزياد ، كما أنَّ زياداً صار مُستلحَقاً بأبي سفيان ، بخِلاف حكم النبي (صلَّى الله عليه وآله) القائل : «الوَلد للفِراش ، وللعاهِر الحَجر». فهل يُسوَّغ في شرع الشرف ، ودين العَدل ، أنْ يَخضع مَن يُمثِّل النبي (صلَّى الله عليه وآله) لدعيٍّ وابن دعيٍّ؟
بارز الغُلام جيش الكوفة ، وشَدَّ عليهم شَدَّة الليث بالأغنام ، وكلَّما كَرَّ عليهم ، رجع إلى أبيه قائلا : العَطش قد قتلني ، فيقول له أبوه : «اصبِر يا حبيبي ، فإنَّك لا تُمسي حتَّى يَسقيك رسول الله بكأسه». والغلام يَكرُّ الكَرَّة بعد الكَرَّة ؛ فنظر إليه ابن مُرَّة العبديّ ، فقال : عليَّ آثامُ العرب ، إنْ كَرَّ ومَرَّ بي لو لمْ أثكُل أُمَّه.
فبينا هو يَشدُّ على الجيش ويرتجز ، إذ ضربه العبديُّ وصرعه ، فنادى : يا أبتاه ، عليك مِنِّي السّلام ، هذا جَدِّي قد سقاني بكأسه الأوفى ، وهو يُقرِئك السّلام ، ويقول لك : العَجل العَجل.
ثمَّ شَهَقَ شَهقةً كانت فيها نفسه ، فانقضَّ إليه الحسين (عليه السّلام) قائلاً : «يا بُنَي ، قَتل الله قَوماً قتلوك ، ما أجرأهم على الله ، وعلى انتهاك حُرمَة الرسول! يا بُنَي ، على الدنيا بعدك العَفا». ثمَّ قال لفُتيانه : «احملوا أخاكم إلى المُخيَّم».
إذ كان أوَّل قتيلٍ مِن جيش الحسين (عليه السّلام) ، وحاذر على النساء وعقائل الرسالة أنْ يَخرجُن إلى مَصرعه حاسرات ، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.