رعيَّته). ذلك لكي لا يَسود على أُمَّته مَن لا يَصلح لها ، فيُفسد أمرها ، وتَذهب مَساعي الرسول (صلَّى الله عليه وآله) ، ومَن معه أدراج الرياح ، وقد كان هذا الشعور الشريف ، حيَّاً في نفوس المسلمين ، حتَّى عصر سيِّدنا الحسن السّبط (عليه السّلام) ، وناهيك أنَّ أبا حفص ، خَطب يوماً ، فقال : إنْ زِغتُ فقوّموني. فقام أحد الحاضرين يَهزُّ السّيف في وجهه ، ويقول : إنْ لمْ تَستقمْ ، قوَّمناك بالسّيف.
غير إنَّ امتداد السّلطان لمُعاوية ، وإحداثه البِدع ، وإماتته السُّنَن ، وإبادته الأبرار والأحرار بالسيف والسَّم والنار ، وبَثَّه الأموال الوفيرة في وجوه الأُمَّة ، أخرست الألسن ، وأغمدت السّيوف ، وكَمَّت الأفواه ، وصَمَّت الآذان ، وحادت الشعور السّامي الإسلامي ، وأوشك أنْ لا يَحسَّ أحٌد بمسؤوليَّته عن مَظلمة أخيه ، ولا يعترف بحَقِّ مُحاسبَة آمريه ، أو مُعارضة ظالميه ، وكاد أنْ تَحِلَّ قاعدة : قَبِّلوا أيَّ يدٍ تَعجزون عن قَطعها ، مَحلَّ آية (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) (١).