والمُختار ، وابن الأشتر ، وجماعة التوَّابين ، وزيد الشهيد ؛ حتَّى عهد سَميِّه الحسين بن علي شهيد فَخٍّ ، وحتَّى عَهْدِنا الحاضر مِمَّن لا يُحصَون في مُختلَف الأزمنة والأمكنة ، فخابت آمال أُميَّة فيه ؛ إذ ظنَّت أنَّها قَتلت حسيناً ، فأماتت بشخصه شخصيَّته ، وأبادت روحه ودعوته.
كلاّ ثمَّ كلاَّ! لقد أحيت حسيناً في قتله ، وأوجدت مِن كلِّ قَطرةِ دَمٍ منه حُسيناً ناهضاً بدعوته ، داعياً إلى نهضته.
أجلْ ، فإنَّ الحسين لمْ يَكُن إلاَّ داعي الله ، وهاتف الحَقِّ ، ونور الحَقِّ لا يَخفى ، ونار الله لا تَطفى ، ويأبى الله إلاَّ أنْ يُتِمَّ نوره ، ويَعِمّ ظهوره.
ثانياً : إنَّ الحسين بقيامه في وجه الجَور والفجور ، مُقابِلاً ومُقاتِلاً ، أحيى ذلك الشعور السامي الإسلامي ، الذي مات في حياة مُعاوية ، أو كاد أنْ يموت ، ونبَّه العامَّة إلى أنَّ حُبَّ الحياة ، ورعاية الذات واللَّذات ، والتخوُّف على الجاه والعائلات ، لو كانت تبرز لأولياء الدين مُصافات المُعتدين ؛ لكان الحسين أقدر وأجدر مِن غيره ، لكنَّه أعرض عنها ؛ إذ رآها تُنافي الإيمان والوجدان ، وتُناقض الشهامة والكرامة ، فجدَّدت نهضته في النفوس روح التديُّن الصادق ، وعِزَّةً في نفوس المؤمنين عن تَحمُّل الضيم والظلم ، وعن أنْ يَعيشوا سوقة كالأنعام ، وانتعشت إحساسات تحرير الرقاب ، أو الضمائر مِن أغلال المُستبدِّين ، وأوهام المُفسدين.
ثالثاً : إنَّ النهضة الحسينيَّة ، هزَّت القرائح والجوارح ، نحو الإخلاص والتفادي ، وأتبعتْ الصوايح بالنوايح لتلبية دُعاة الحَقِّ ،