الله سبحانه ، فتح لنبيِّه مَكَّة فَتحاً مُبيناً ، ونصره على قريش نصراً عزيزاً ، (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا).
انتهت الحركة السُفيانيَّة ، ولكنْ في الظاهر ، أمَّا الحزب الخاسر المُنكسر ، فقد كان يَعمل ليلاً ونهاراً في تلافي خُسرانه ، وإرجاع سُلطانه ، ولكنْ تحت الستار ، وبأخفى مِن دبيب النمل على الصَّفا ، يرسم الخُطَّة للقيام بحركة وسيعة الدائرة ، حتَّى إذا قضى النبي (صلَّى الله عليه وآله) نحبه ، تنفَّس ورغب في الانتقام.
أجلْ ، لقي محمّد (صلَّى الله عليه وآله) ربَّه ، وأبو سُفيان حيٌّ يسمع الناعية على جَنازة محمّد الهاشمي (صلَّى الله عليه وآله) ، ولكنْ لا يَسعه إظهار شيء ، وكان العبّاس (رضي الله عنه) ، عَمُّ النبي (صلَّى الله عليه وآله) يعرف مِن أمره شيئاً ؛ إذ كان صديقه الحميم في الجاهليَّة والإسلام ، فأشار على عليٍّ (عليه السّلام) ابن أخيه أبي طالب ، وهو يُغسِّل جَنازة النبي (صلَّى الله عليه وآله) ، قائلاً له : يا علي ، مُدْ يَدك ؛ لأبايعك ؛ حتَّى يقول الناس عَمُّ رسول الله بايع ابن عمّه ، فلا يختلف عليك اثنان. فلم يَسمع مِن ابن أخيه جواباً ، سِوى كلمة : «يا عمُّ ، أوّلُها غيري».
وقبل أنْ يُدفَن النبي (صلَّى الله عليه وآله) ، نَجَمَ الخِلاف حول خِلافته بين المُهاجرين والأنصار ، وربَّما كان للحزب السُفياني يَداً في إثارته ، ونفخاً لإضرامه.