الشمال الشرقي حيث مَنارة العبد ، مُتَّصلة بموضع باب السِّدرة في الشمال ، وهكذا إلى موضع الباب الزينبيَّة مِن جِهة الغرب ، ثمَّ تنزل إلى موضع الباب القبليَّة في جِهة الجنوب ، وكانت هذه التِّلال المُتقاربة تُشكِّل للناظرين نصف دائرة ، على شاكلة نون مدخلها الجَبهة الشرقيَّة ، حيث يتوجَّه منها الزائر إلى مَثوى سيِّدنا العبّاس بن علي (عليهما السّلام) ، ويَجد المُنقِّبون حتَّى يومنا ، في أثافي البيوت المُحدِّقة بقبر الحسين (عليه السلام) ، آثارَ ارتفاعها القديم في أراضي جِهات الشمال والغرب ، ولا يجدون في الجِهة الشرقيَّة سِوى تربة رخوة واطئة الأمر ، الذي يُرشد العرفاء إلى أنَّ وضعيَّة هذه البقعة ، كانت مُنذ عصرها القديم واطئة مِن جِهة الشرق ، ورابية مِن جِهتَي الشمال والغَرب على شَكل هلالي ، وفي هذه الدائرة الهلاليَّة حوصر ابن الزهراء (عليه السّلام) ، في حربه حين قُتِل كما سيأتي.
وأمَّا نهر الفرات ، فكأنَّه عموده الكبير يَنحدر من أعاليه ، يَسقي القُرى إلى ضواحي الكوفة ، وكذلك يَنشقُّ مِن عمود النهر ، الشَّط مِن لدُن الرضوانيَّة نهر كفرع منه ، يَسيل على بطاح ووهاد شمال شرقيِّ كربلاء ، حتَّى ينتهي إلى قُرب مَثوى سيِّدنا العبّاس (رضوان الله عليه) ، ثمَّ إلى نواحي الهنديَّة ، ثمَّ يَنحدر فيقترن بعَمود الفرات في شمال غربيّ قرية ذي الكِفل (الكوثي القديمة) ، ويُسمّى حتَّى اليوم (العَلقمي) ، وكان هذا الفرات الصغير مِن صدره إلى مَصبِّه يُسمَّى (العلقمي).
والطفُّ اسم عامٌّ لأراضي تَنحسر عنها مياه النهر ، وسُمّيت حوالي نهر العَلقمي البارزة مِن شواطئه ، (طفَّاً) لذلك ، وسُمّيت حادثة الحسين (عليه السّلام) فيه بواقعة الطفِّ.