أينَ ترجع؟ إلى القوم الظالمين؟! أُنصُر هذا الرجُل ، الذي بآبائه أيَّدك الله بالكرامة.
فقال له الحنظلي : أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته ، وأرى رأيي ، ثمَّ أنصرف إلى عمر بن سعد ، وأخبره الخبر.
فقال عمر : أرجو أنْ يُعافيني الله مِن حربه وقتاله. ثمَّ كتب إلى ابن زياد ما جرى بينه وبين الحسين (عليه السّلام) ، وأنَّ الإمام مُستعدٌّ للانصراف عن العراق ، وعن كلِّ أمل فيه.
قال حسان العَبسي : كنت عند ابن زياد ، حينما جاءه هذا الكتاب ، وقرأه ، فقال :
الآن إذ عَلقت مَخالبُنا به |
|
يرجو النجاة ولاتَ حينَ مَناص |
ثمَّ اجتمع الحسين (عليه السّلام) بعمر بن سعد ، تَحرِّياً منه للسِّلم ، واحتراماً للدماء ، فتناجيا طويلاً ، فكتب هذا إلى ابن زياد :
أمَّا بعد ، فإنَّ الله قد أطفئ النائرة ، وجمع الكلمة ، وأصلح أمر الأُمَّة ، هذا حسين قد أعطاني عهداً أنْ يرجع إلى المكان الذي أتى منه ، أو يسير إلى ثَغرٍ مِن الثغور ، فيكون رجُلاً مِن المسلمين ، له ما لهم ، وعليه ما عليهم ، إلى آخره.
ولمَّا تلاه ابن زياد ، قال : هذا كتاب ناصحٍ مُشفقٍ على قومه (يعني على قريش).
فقام إليه شمر بن ذي الجوشن قائلاً : أتقبل هذا منه ، وقد نزل بأرضك ، والله لَئن رحل مِن بلادك ، ولم يَضع يده في يدك ؛ ليكونَنَّ أولى بالقوَّة ؛ ولتكونَنَّ أولى بالضُّعف والعَجز ، فلا تُعطه هذه المنزلة ؛ فإنَّها مِن الوَهن ، ولكنْ ليَنزل على حُكمِك هو وأصحابه ، فإنْ عاقبت ، فأنت