أو ذخيرة ، أو عتاد ، وأمَّا مَن لا يَجد القَدر الكافي منها ، كالحسين (عليه السّلام) ، فإنَّ تَحصُّن في مِثل الموضع ، فكأنَّه يَبغي الانتحار ، أو إلقاء أهله في التَّهلُكة ؛ لأنَّ عدوَّه يَتمكَّن مِن حصاره مِن فُرجَة الجِهة الشرقيَّة بكميَّة قليلة ، وإهلاك المَحصور جوعاً وعَطشاً في زمن قصير.
لكنَّ الحسين (عليه السّلام) ، رأى بجنب هذه وجنوبها رابيةً مُستطيلة ، أصلح مِن أُختها للتحصين ؛ لأنَّ المُحتمي بفِنائها يَكتنفه مِن الشمال والغرب ربوات ، تَقي مِن عاديات العدوِّ ، برُماة قليلين مِن صَحب الحسين (عليه السّلام) ، إذا اختبأوا في الروابي ، وتَبقى مِن سَمتي الشرق والجنوب ، جوانب واسعة تحميها أصحاب الحسين (عليه السّلام) ورجاله ، ومنها يخرجون إلى لقاء العَدوِّ ، أو تَلقِّي الرُّكبان ؛ فنقل إلى هذا الموضع حرمه ومعسكره ، ويعرف الآن بـ (خيمكاه) أي المخيم. فصارت مُحوَّطة الحِير خير فاصلة بينهم وبين مُعسكر الأعداء ، وأمر أصحابه أنْ يُقرِّبوا البيوت بعضها مِن بعض ، ويُدخلوا الأطناب بعضها مِن بعض ، وأنْ يُضرِموا النار في قَصب وحطب ، كانا مِن وراء الخِيم في خَندق حفروه مِن شِدَّة الاحتياط ، وأوجد في مُخيَّمه مزايا الدفاع المُمكِنة ، وهو ينتظر الفرج كلَّما ضاق المَخرج.