وتُوحي الكرب ، والدمّ ، والقتل ، والبلاء!
وهل يمكن الاطّلاع على تلك الأسرار إلاّ من خلال أنباء الغيب التي تُوحيها السماءُ على سيّد الانبياء؟
وإنّ من أعظم دلائل النبوّة والإمامة تحقُّقُ تلك التنبُّؤات كلّها.
ولا تزال «تُربةُ كربلاء» ذاتها تتحوّلُ يوم عاشوراء إلى دَم قان.
ولا يزال الموالون للحسين (عليه السّلام) يعرفونها من رائحتها.
ولا زال تراب كربلاء يُقدَّس ، ويُتقربُ إلى الله بالسجود عليه لطهارته وشرفه عند الله ، ويُتبرّك به ، ويُستشفى به ، لأن دم الحسين (عليه السّلام) اُريق عليه في سبيل الله.
ولا زالتْ أرضُ كربلاء توحي المآسيَ والكربَ والبلاء ، وتجري عليها المصائبُ والآلامُ ، وتجري فيها أنهارُ الدماء!
لأنّها كربٌ وبلاءٌ!
٢٩ ـ أصْحابٌ أوفياء
صمّم الإمام الحُسينُ (عليه السّلام) على الخروج إلى العراق ، ولم تُثنِه العراقيلُ التي كانت على طول طريقه ، ولم تثبّطه الاحتمالاتُ ، بل ولا ما كان واضحاً في المنظور السياسي ذلك اليوم من شدّة بطش الحكومة الأُمويّة وعدم ارعوائها من فعل كلّ مخالفة حتّى إبادته! وغدر أهل الكوفة وتقاعسهم عن نصرته!
بل سار يَسوقه الواجب الإلهيّ المفروض عليه ، لكونه إماماً للأُمّة يجب عليه القيام تلبية لندائها لإتمام الحجّة الظاهرة.