انهيار الإسلام وقواعده على أيدي بني أُميّة وعمّالهم ، وأنّه بقيادته الحكيمة للإسلام في تلك الفترة ، وبتضحيته العظيمة في كربلاء كان الصدّ الأساسي من العودة إلى الجاهليّة الأُولى.
فالحسين (عليه السّلام) قد أحيا الإسلام بمواقفه قبل كربلاء ، وفي كربلاء ، واستمرّت آثار حركته إلى الأبد ، ولذلك تحقّق مصداق قول الرسول (صلّى الله عليه وآله) : «حسينٌ منّي وأنا من حسين» كما شرحناه في الفقرة (١١) السابقة.
أمّا عن صلابة الحسين (عليه السّلام) ، وإقدامه في نصرة الحقّ خارج إطار كربلاء فقد مرّ بنا موقفه من عمر في الفصل (١٧) وسنقف على مواقفه من معاوية في الفصل (٢٥).
وأمّا حديث كربلاء وبطولاتها وأشجانها فقد عقدنا له الباب الثالث التالي ، بفصوله المروّعة.
٢١ ـ البركة والإعجاز
من معجزات النبيّ (صلّى الله عليه وآله) المذكورة في سيرته أنّه تفل في بئر قد جفّت ، فكثر ماؤها وعذب وأمهى وأمرى ، وهذا المعجز من بركة نبيّ الرحمة للعالمين قليل من كثير ، وغيضٌ من فيض.
والحسين (عليه السّلام) ابنُ ذلك النبيّ ، وبضعةٌ منه ، وعصارة من وجوده ، والسائر على دربه ، والساعي في إحياء رسالته ، فهو يمثّل في عصره جدّه الرسول جسدّياً ، ويمثل رسالته هدياً ، فلا غروَ أن يكون له مثل ما كان لجدّه من الإعجاز وهو سائر في طريقه إلى الشهادة والتضحية من أجل الإسلام ، ليفعل ما لم يفعله