وتدلُّ هذه البيعة على أنّ قلّة الأعوام في أولاد هذا البيت الطاهر ليستْ مانعةً عن بُلوغهم سنّ الرشد المؤهِّل للأعمال الكبيرة المفروضة على الكبار ما دام فعل الرسول المعصوم يدعمُ ذلك ، وما دام تصرّفهم يكشف عن أهليّتهم! وما دام الغيبُ والمعجز الإلهيّ يُبَيّن ذلك.
فليس صِغَر عمر عيسى (عليه السّلام) مانِعاً من نبوّته ما دام المعجِز يرفده في المهد يكلّم الناس صبيّاً ، وليس الصِغرَ في عمر الحسين (عليه السّلام) مانِعاً من أن يُبايعه جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله).
١٠ ـ الرسولُ (صلّى الله عليه وآله) يفعلُ
وَجَدَ الرسولُ (صلّى الله عليه وآله) سبطَه الحسينَ يلعبُ مع غلمان في الطريق ، فأسرعَ الجدُّ أمامَ القوم وبسطَ يديه ليحتضنَه ، فطفق الحسينُ يمرُّ ها هنا مرّةً وها هنا مرّةً ، يُداعب جدّه ، يفرّ منه دلالاً كما يفعلُ الأطفال ، فجعلَ الرسولُ العظيم يُضاحكُهُ حتّى أخذه.
ذكر هذا في الحديث ، وأضاف الراوي له ، قال :
[١١٢ و ١١٥] فوضع الرسول إحدى يديه تحت قفاه ، والأُخرى تحت ذقنه ، فوضع فاه على فيه فقبّله وقال : «حُسينٌ منّي وأنا من حُسين ، أحَبَّ الله من أحبَّ حُسيناً ، حُسينٌ سِبْط من الأسباط» (١).
إنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) وهو يحمل كرامة الرسالة وثقل النبوّة ، وعظمة الأخلاق
____________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١٢٠.