الحسين (عليه السّلام) آفاق جديدة وأُتيحت له ظروف مغايرة ، ووجب عليه التصّدي لاستثمارات معاوية من خططه الجهنّميّة التي أعدّها طوال السنين التي حكم فيها من (٤٠) للهجرة وحتّى أواخر أيام ملكه.
اجتماع «منى» العظيم
قال سليم في تتمّة كلامه السابق : فلمّا كان قبل موت معاوية بسنتين حَجّ الحسين بن عليّ (عليه السّلام) وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن عبّاس معه.
وقد جمع الحسين بن علي (عليه السّلام) بني هاشم : رجالَهم ونساءهم ومواليهم وشيعتهم ، مَن حجّ منهم ومَن لم يحجّ ، ومن الأنصار ممّن يعرفونه وأهل بيته.
ثم لم يَدَع أحداً من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ومن أبنائهم والتابعين ، ومن الأنصار المعروفين بالصلاح والنُّسُك إلاّ جمعهم.
فاجتمع عليه بـ «مِنَى» أكثر من ألف رجل (١).
ويمكن اعتبار اجتماع مِنى هذا العظيم موقفاً سياسياً هامّاً ، من وجهين :
١ ـ أنَّه تظاهرةٌ كبيرة تجمع عَدَداً كبيراً من ذوي الشهرة ، والوجهاء المعروفين بين الأُمّة ، بحيث لا يمكن إغفال أثرها ولا منع الناس من التساؤلات حولها.
٢ ـ أنّه أكبر «مَجْلِس» يضمُّ أصحابَ الرأي من رجالات الأُمّة وشخصيّاتها ممّن له الحقّ في إبداء الرأي وسنّ القانون ، وهم النّخْبة المقدّمة من أهل الحلّ والعقد ، ومن جميع القطّاعات الفاعلة في المجتمع الإسلامي وهم : العلويّون ،
____________________
(١) كتاب سليم بن قيس ص ١٦٥ والاحتجاج للطبرسي ص ٢٩٦.