الحديث النبوي وإبطال السُنّة في بلاط الأُمراء والحكّام ، ثم محاولة نشر ذلك في ساحة البلاد الإسلاميّة الواسعة.
لكنّ الذي كان يمنعه وجود الأعداد الكبيرة من أنصار الحقّ وأعوان الإمام عليّ (عليه السّلام) الذين حافظ على وجودهم الإمام الحسن (عليه السّلام) بمخطّطه العظيم ومواقفه الصائبة بالتزام الصلح المفروض ، والشروط التي كانت هي قيوداً تُكبّل معاوية لو التزمها ، وتُخزيه لو خرقها.
ولقد خالفَ معاوية كثيراً من بنود الصلح ، فأخزى نفسه في مخالفة العهد الموقّع من قبله ، وكان أخطر ما قام به هو الفتك بالصلحاء من الشيعة الّذين كانُوا يتصدّون لمُنْكره ، وللبدع التي كان ينشرها ، وللأحاديث المكذوبة التي كان يُذيعها على ألسنة وُلاته ووعّاظ بلاطه.
فلمّا ماتَ الحسنُ بن عليّ ـ والكلام من هُنا لسليم بن قيس الهلالي ، المؤرّخ الذي عاش الأحداث وسجّلها بدقّة ـ :
ازداد البلاءُ والفتنةُ ، فلم يَبْقَ لله وليٌّ إلاّ خائف على نفسه ، أو مقتول ، أو طريد ، أو شريد (١).
وكانت الفترة التالية عصر إمامة الحُسين (عليه السّلام) ، وكانت مزاولات معاوية التعسّفية بلغت أوْجَ ما يتصوّر ، وكادت مخطّطاته أن تُثمِر ، وقد اتضّح لجميع الأُمّة ـ صالحها وطالحها ـ استهتار معاوية بالمواثيق التي ألزم بها نفسه في وثيقة الصلح ، والعهود التي قطعها على نفسه أمام الأُمّة ، وتبين للجميع أنّ ما يزاوله إنّما هو الملك والسلطة ، وليس هو الخلافة عن الله ورسوله ، فقد انفتحت أمام
____________________
(١) لاحظ كتاب سليم ص ١٦٥ والاحتجاج للطبرسي ص ٢٩٦.