فكيف يظهرها في دولة بني أُميّة وهو يرتع في مراعيهم ، ويطمع في برّهم ويقصع من مضيرتهم؟
وكيف يتغافل عنها وله دعاوٍ طويلة عريضة في سماع الحديث الكثير عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، والاتّصال به باستمرار؟!
وإذا اضطرّ إلى إبراز شيء فهو يعتمد على الإجمال.
اقرأ معي هذه الصورة من مواقف أبي هريرة :
[١٩١] ... أعْيَا الحسينُ فقعدَ في الطريق ، فجعل أبو هريرة ينفُضُ الترابَ عَن قدميه بطرف ثوبه.
فقال الحسين (عليه السّلام) : «يا أبا هريرة ، وأنتَ تفْعَل هذا!».
قال أبو هريرة : دعني ، فوالله لو يعلم الناسُ منك ما أعلم ، لحملوك على رقابهم (١).
لكن لماذا قصّر أبو هريرة في تعليم الناس بعض ما يعلم عن الحسين (عليه السّلام)؟!
فلو كان يعلمهم لم يكن الجهلُ يؤدّي بالناس إلى أن يحملوا رأس الحسين على رؤوس الرماح! ولا أن يطؤوا جسده بخيولهم قبل أن يحملوه على رقابهم؟! أليسَ هذا غَدْراً بأُمّة الإسلام ، وإماتة للسُنّة التي كان أبوهريرة ينوء بدعوى حملها؟!
وأمّا القيادة :
فقد اتّفقت كلمةُ مؤرّخي الإسلام فكريّاً وسياسيّاً أنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) قد أدّى دوراً عظيماً في فترة إمامته ، وأنّه بمواقفه كان المانع الوحيد عن
____________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور ٧ / ١٢٨.