فقيل له : أتأخذ بركابهما وأنتَ أسَنُّ منهما؟!
فقال : إنّ هذين ابنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، أوَليس من سعادتي أن آخذ بركابيهما (١)؟!
بلى ، إنّها من نعم الله الكبرى ، ومن السعادة العظمى أن يتشرّف الإنسان بخدمة أشرف الخلق وأفضلهم ، وخاصة في تلك الظروف السياسية الحرجة وأنْ يُقدّم بذلك خدمة للأُمّة فيعرّفها بفضل أهل البيت (عليهم السّلام).
وحتّى أبو هريرة
الذي التقى بالنبي في أواخر سنيِّ حياته (صلّى الله عليه وآله) «فأسلم في السنة السابعة للهجرة» ملازماً الصُفّة الشريفة بباب المسجد على شبع بطنه فلا بدّ أنّه كان يرى الحسين (عليه السّلام) يروح ويغدو بين بيت أُمّه الزهراء وجدّه الرسول ، ويصحب جدّه في رواحه إلى المحراب ، وعلى ظهر المنبر ، وغدوّه منهما.
هذا الذي ادّعى ملازمة الرسول (صلّى الله عليه وآله) أكثر من أصحابه الّذين شغلهم الصفقُ بالأسواق ، وانفضّوا إلى التجارات ، فكان لذلك أكثرهم حديثاً ـ بزعمه ـ على الإطلاق ، حتّى اتّخذ لنفسه موقعاً رفيعاً في نفوس مَن صدّقه من الناس ، على الرغم ممّن كذّبه من كبار الصحابة وزوجات النبي ، كعليّ (عليه السّلام) ، وعمر ، وعائشة (٢).
فهو إذن ـ حسب زعمه ـ يعلم من الحسين (عليه السّلام) وفضائله أكثر ممّا يعرفه غيره ، لكنّه يبيت من أمر إعلانها وروايتها على خَطَرين :
____________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور ٧ / ١٢٨.
(٢) انظر تدوين السُنّة الشريفة ص ٧ ـ ٤٨٨ والمحدّث الفاصل ص ٤ ـ ٥٥٥.