إذ رأى الحسين (عليه السّلام) ابن ذلك الرسول ، فلم يملك أيضاً إلاّ الإعتراف ، فقال :
[١٩٠] : هذا أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء اليومَ!
ومعاوية ، أخوه الضلّيل ، يخنع لهذه الحقيقة يوم دخل الحسن والحسين (عليهما السّلام) عليه ، فأمر لهما بمئتي ألف درهم ، وقال متبجّحاً : خذاها وأنا ابن هند ، ما أعطاها أحدٌ قبلي ، ولا يُعطيها أحدٌ بعدي!
وكأنَّ معاوية استغلّ سياسة الإمام الحسن (عليه السّلام) المبتنية على عدم مجابهته بالأجوبة حتّى وُصف بأنّه كان «سكّيتاً» ولكنّ الحسين (عليه السّلام) وهو يسير على خطّ إمامه الحسن (عليه السّلام) ولا يخرج عن طوع إرادته ـ يعطي الموقف حقّه ، ويدمغ معاوية بالحقيقة الصارخة ، ويقول :
[٥] : «والله ، ما أعطى أحدٌ قبلك ، ولا أحدٌ بعدك لرجلين أشرفَ ولا أفضلَ منّا» (١).
فأُفْحِمَ معاوية ولم يَحْرِ جواباً.
وأمّا الآخرون :
فالمؤمنون يتشرّفون بآل محمّد ، كابن عبّاس حبر الأُمّة ، وتلميذ أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، فهو قرين الحسنين (عليهما السّلام) في التربية في هذا البيت الطاهر ، بيت الرسالة والإمامة ، رفيع العماد ، وبالرغم من تقدّمه في السنّ على الحسنين (عليهما السّلام) فهو لمعرفته بفضلهما وجلالتهما ، وشرفهما على قومهما لا يقصّر في إظهار ما يعرف ، وإبراز ما يجب القيام به تجاههما من الحرمة والكرامة فيما قال الراوي :
[١٨٨] : رأيتُ ابن عبّاس آخذاً بركاب الحسن والحسين
____________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١١٥.