أحَدٌ من قبله.
والإمامة ـ عندنا نحن الشيعة الإماميّة ـ تشترك مع النبّوة في كلّ شيء إلاّ أنّ النبوّة تختصّ بالوحي المباشر ، وبالشريعة المستقلّة ، أمّا النصّ والأهداف ، والوسائل والغايات فهما لا يفترقان في شيء من ذلك.
بل الإمامة امتدادٌ أرضيٌ للرسالة السماويّة ، فلا غروَ أن يَمُدّ الله تعالى الإمامَ بما يمدّ النبيَّ من القُدرة على الخوارق التي لا يستطيعها البشر.
أليس الهدف من الإعجاز إقناع الناس بالحقّ الذي جاء به الأنبياء؟ فإذا كان ما يدعو إليه الأئمّة هو عين ما يدعو إليه الأنبياء ، فأيّ بُعْد في دعم هؤلاء بما دعم به اُولئك من دون تقصير في حقّ اُولئك ، ولا مغالاة في قدر هؤلاء؟
ومهما كان ، فإنّ الحسين (عليه السّلام) لمّا خرج من المدينة يريد مكّة مرّ بابن مطيع وهو يحفر بئره ، وجرى بينهما حديث عن مسير الإمام ، وجاء في نهايته :
[٢٠١] قال ابن مطيع : إنّ بئري هذه قد رشحتُها ، وهذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شيء من الماء ، فلو دعوتَ الله لنا فيها بالبركة.
قال (عليه السّلام) : «هات من مائها». فأُتي من مائها في الدلو ، فشرِبَ منه ثمّ تمضمض ثمّ ردّه في البئر فأعذَب وأمْهى (١).
وهذا من الحسين (عليه السّلام) أيضاً غيض ، وهو معدن الكرم والفيْض. إلاّ أنّ حديث الماء والحسين (عليه السّلام) في طريقه إلى كربلاء فيه عِبْرة تستدرّ العَبْرة.
____________________
(١) في مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١٣٠ (وأُمْرِيَ) ، هكذا مضبوطاً ، بدل (وأمهى).