الاخلاق ، فوجد أن هذا المبدأ واحد عند الفيلسوفين وهو التربية والعادة. والواقع ان ذلك هو رأي ارسطو ، فهو يذهب إلي أنها مكتسبة ، تنتج عن التربية التي يتلقاها الطفل والعادات التي يتعلمها في حياته. ولكن تلك العادات عندما تترسخ تصبح كأنها طبيعة ثانية. أما افلاطون فيؤخذ من سياق نظريته الخلقية ميله إلي أن الأخلاق ترتكز علي قوي النفس الفطرية الثلالث وهي القوة العاقلة والقوة الغضبية والقوة الشهوانية.
ولكن ثمة خلافاً بين الرجلين في مسألة أخري لم يشر إليها الفارابي هي مفهوم الفضيلة. انها بنظر أفلاطون العدالة ، والعدالة هي التوازن بين قوي النفس الثلاث : الفكرية والغضبية والشهوانية بحيث تقوم كل منها بوظيفتها باعتدال ولا تطغي علي غيرها ، وتخضع الشهوانية للغضبية ، والغضبية للفكرية.
أما ارسطو فيعتبر الفضيلة وسطاً بين طرفين رذلين. فالشجاعة فضيلة تقع بين رذيلتي الجبن والتهور ، والعفة فضيلة تقع بين طرفين يعتبران رذيلتين هما الشره وانعدام الاحساس ... الخ.
والمسألة السادسة التي عالجها الفارابي وحاول ردم الهوة بصددها بين امامي الفلسفة اليونانية هي المعرفة. قال افلاطون ان المعرفة تذكر لأنها تتكون من معان أو ماهيات موجودة في الذهن ، وهذه الماهيات ليست سوي صور للمثل الموجودة في السماء رأتها النفس قبل أن تحل في الجسد ولا يمكن أن تكون تجريداً للكائنات الحسية المتغيرة باستمرار ،