أما ارسطو فيذهب إلي عكس ذلك ويقول ان تلك الافكار أو الماهيات جردها الذهن عن الكائنات الحسية ، ولا وجود لكائنات مثالية في عالم علوي اسمه عالم المثل. ومع ذلك يري الفارابي أنه لا يوجد خلاف بين افلاطون وأرسطو بصدد المعرفة. وهو يري رأي أرسطو ويؤول أقوال افلاطون تأويلاً متعسفاً. فيقول ان النفس عالمة بالقوة ، ولها حواس هي بمثابة آلات الادراك ، وهذا الادراك يكون للجزئيات ، وعنها تحصل الكليات (الماهيات التي في الذهن). وتحصل الماهيات في الذهن عن قصد أو غير قصد. والتي تحصل عن غير قصد تدعي أوائل المعارف ومباديء البرهان وما أشبه ذلك. وهي التي ظنها البعض أنها جاءت عن غير طربق الحس. وليس التذكر الذي ورد عند افلاطون سوي استرجاع هذه الماهيات أو أوائل المعرفة أو المباديء التي تكونت عن غير قصد.
وما يقوله الفارابي في تأويل التذكر عند أفلاطون سبق إليه الجاحظ في نظريته في المعرفة ، وفي كونها طباعاً تحدث عفواً في الذهن دون إرادة وقصد.
وهو يميل إلي ارسطو أيضاً في مسألة خلود النفس. ويفسر أقوال أفلاطون التي تذهب إلي خلود النفس ومصدرها الالهي أو السماوي تفسيراً يستشف منه شكه أو تردده في خلودها ، يقول في ذلك «وقد ظن أكثر الناس في هذه الأقاويل ظنوناً مجاوزة عن الحد. أما القائلون ببقاء النفس بعد مغادرتها البدن ، فقد افرطوا في تأويل هذه الأقاويل ،