وحرفوها عن سننها ، وأحسنوا الظن بها أن أجروها مجري البراهين ، ولم يعلموا أن أفلاطون انما يحكي هذا عن سقراط علي سبيل من يروم تصحيح أمر خفي بعلامات ودلائل».
والأدهي من ذلك كله محاولة الفارابي التوفيق بين رأيي أفلاطون وارسطو في مسألة قدم العالم وحدوثه. فقد ذهب إلي القول ان ارسطو كأفلاطون يقول بحدوث العالم ، وان من ظن خلاف ذلك مخطيء.
وفسر قول ارسطو : «ليس للعالم بدء زماني» تفسيراً اعتباطياً فقال : «ومعني قوله «ان العالم ليس له بدء زماني» أنه لم يتكون أولاً فأولاً باجزائه ، فان أجزاءه يتقدم بعضها بعضاً في الزمان ، حادث عن حركة الفلك ، فمحال أن يكون لحدوثه بدء زماني. ويصح بذلك أنه انما يكون عن ابداع الباري ، جل جلاله ، اياه دفعة بدون زمان ، وعن حركته حدث الزمان».
ان دليله علي قول ارسطو بحدوث العالم هو ما ورد في كتاب الربوبية أو اثالوجيا المنسوب خطأ إلي أرسطو. ان هذا الدليل فاسد لأن ما ورد في هذا الكتاب المنحول يعبر عن رأي صاحبه الحقيقي أفلوطين ، ولا يمتّ بصلة قريبة أو بعيدة لارسطو.
وعندما ينتهي أبو نصر إلي مسألة المثل التي تميزت بها فلسفة أفلاطون ينفي ان يكون ارسطو قد أنكرها أو انتقدها ، بل يذهب إلي أبعد من ذلك فيزعم أنه قال بها كأفلاطون. ودليله هنا علي دعواه هو