ذاته الدليل الذي اعتمده في مسألة حدوث العالم ، أعني به كتاب الربوبية أو أثالوجيا المنحول. وبما أن هذا الدليل فاسد فكل ما بني عليه فاسد مثله لأن ما بني علي فاسد فهو فاسد.
وهو علاوة علي ذلك يفهم تلك المثل فهماً سيئاً. فيقول انها ليست سوي صور ذهنية موجودة في ذات الله ، علي منوالها خلق الكائنات الحسية ، وهو ليست كما يتوهم البعض أشباحاً قائمة في أماكن أخر خارجة عن هذا العالم.
والمسألة الأخيرة التي حاول التوفيق فيها بين افلاطون وارسطو هي الدينونة أي الثواب والعقاب في الحياة الثانية. يذهب الفارابي إلي انهما يعتقدانها ويريانها ودليله جملة نسبها الي ارسطو وهي «ان المكافأة واجبة في الطبيعة» وخرافة وردت في آخر كتاب الجمهورية تحكي قصة جندي اثيني مات اثناء المعركة وعاد الي الحياة بعد اثني عشر يوماً وروي كل ما شاهد من محاسبة النفوس علي ايدي قضاة بعد الموت.
إن قول أرسطو لا يدل علي الدينونة ، ولا أظن ان ارسطو اعتقد بها.
كان لكتاب «الجمع بين رأيي الحكيمين» تأثير سيء في الفلسفة العربية لأن الفلاسفة العرب الذين جاؤوا بعد الفارابي اقتفوا أثره وحاولوا التوفيق بين افلاطون وارسطو وتعاليم الدين الاسلامي ، ولم يستطيعوا مثله التمييز جيداً بين آراء افلاطون وآراء ارسطو ، وبمعني آخر لم يتعودوا علي فهم الفلسفة اليونانية فهماً صحيحاً.
هذه تهمة رماهم بها المستشرقون واعتبروها عيباً شنيعاً في الفلسفة