ارسطوطاليس (١) ، لما سمعوا قول اصحاب افلاطون في الابصار (٢) ، وانه انما يكون بخروج شيء من البصر ، قالوا ان الخروج انما يكون للجسم ، وهذا الجسم الذي زعموا انه يخرج من البصر ، امّا ان يكون هواء او ضوءا او نارا. وان كان هواء ، فان الهواء قد يوجد فيما بين البصر والمبصر ، فما حاجة الى خروج هواء آخر؟ وان كان ضياء ، فان الضياء ايضا قد يوجد في الهواء الذي بين البصر والمبصر ، فالضياء الخارج من البصر فضل لا يحتاج اليه. وايضا ، فانه وان كان ضياء ، فلم احتيج معه الى الضياء الراكد بين البصر والمبصر؟ ولم لا يغني هذا الضياء الخارج من البصر عن الضياء الذي يحتاج اليه في الهواء؟ ولم لا يبصر في الظلمة ، ان كان الذي يخرج من البصر هو ضياء؟ وايضا ، ان قيل ان الضياء الذي يخرج من البصر يكون ضعيفا ، فلم لا يقوى اذا اجتمعت ابصار كثيرة بالليل على النظر الى شيء واحد ، كما نرى من ذلك من قوة الضوء عند اجتماع السرج الكثيرة؟ وان كان نارا ، فلم لا يحمي ولا يحرق ، مثل ما تفعله النار؟ ولم لا ينطفي في المياه ، كما تنطفي النار؟ ولم (لا) ينفذ الى اسفل كما ينفذ الى فوق ، وليس من شأن النار ان تنفذ الى الاسفل؟ وايضا ، ان قيل ان الذي يخرج عن البصر شيء آخر غير هذه الأشياء ، فلم لا يتلاقى ولا يتصادم عند مقابلة المناظر ، فيمنع الناظرين المتقابلين عن الادراك النظري؟ هذه
__________________
(١) أصحاب أرسطوطاليس هم أتباعه والآخذون بفلسفته وقد دعوا المشائين.
(٢) أصحاب أفلاطون هم الذين أيدوا آراءه الفلسفية.