الذي يدثر ويفسد انما هي هذه الموجودات التي هي كائنة. وارسطو ذكر في «حروفه» فيما بعد الطبيعة (١) ، كلاما شنّع فيه على القائلين «بالمثل» «والصور» التي يقال انها موجودة قائمة في عالم الاله ، غير فاسدة؛ وبيّن ما يلزمها من الشناعات ، انه يجب ان هناك خطوطا وسطوحا وافلاكا ، ثم توجد حركات من الافلاك والادوار ، وانه يوجد هناك علوم ، مثل علم النجوم وعلم الالحان ، واصوات مؤتلفة واصوات غير مؤتلفة ، وطب وهندسة ، ومقادير مستقيمة وأخر معوجة ، واشياء حارة وأشياء باردة ، وبالجملة كيفية فاعلة ومنفعلة ، وكليات وجزئيات ، ومواد وصور ، وشناعات اخر ، ينطق بها في تلك الاقاويل ، ما يطول بذكرها هذا القول. وقد استغنينا ، لشهرتها ، عن الاعادة ، مثل ما فعلنا بسائر الاقاويل حيث اومأنا اليها والى اماكنها ، وخلّينا ذكرها بالنظر فيها والتأويل لها لمن يلتمسها من مواضعها فان الغرض المقصود من مقالتنا هذه ايضاح الطرق التي ، اذا سلكها طالب الحق ، لم يضل فيها ، وامكنه الوقوف على حقيقة المراد باقاويل هذين الحكيمين ، من غير ان ينحرف عن سواء السبيل الى ما تخيّله الالفاظ المشكلة.
وقد نجد ان ارسطو ، في كتابه في الربوبية المعروف ب «اثولوجيا» يثبت الصور الروحانية ، ويصرح بانها موجودة في عالم الربوبية. فلا تخلو هذه الاقاويل ، اذا اخذت على ظاهرها ، من احدى ثلاث
__________________
(١) انتقد ارسطو مثل افلاطون في اماكن عديدة من مؤلفاته منها كتاب «الاخلاق الي نيقوماخوس» في سياق كلامه علي الخير واعتبار افلاطون اياه مثلاً اعلي موجوداً في عالم المثل في السماء.