الكتاب الكريم بذكر قصصهم للاعتبار بالنظر فى أحوالهم ، فيحملنا ذلك على حسن الأسوة فيما تكون به السعادة ، واجتناب ما يكون طريقا إلى الشقاء والدمار.
وقد أمرنا باتباع صراط من تقدّمنا ، لأن دين الله واحد فى جميع الأزمان : فهو إيمان بالله ورسله واليوم الآخر ، وتخلّق بفاضل الأخلاق وعمل الخير وترك الشر ، وما عدا ذلك فهو فروع وأحكام تختلف باختلاف الزمان والمكان ، يرشد إلى ذلك قوله تعالى : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) إلى آخر الآية.
والمغضوب عليهم هم الذين بلغهم الدين الحق الذي شرعه الله لعباده فرفضوه ونبذوه وراءهم ظهريّا ، وانصرفوا عن النظر فى الأدلة تقليدا لما ورثوه عن الآباء والأجداد ـ وهؤلاء عاقبتهم النكال والوبال فى جهنم وبئس القرار.
والضالون هم الذين لم يعرفوا الحق ، أو لم يعرفوه على الوجه الصحيح ، وهؤلاء هم الذين لم تبلغهم رسالة ، أو بلغتهم على وجه لم يستبن لهم فيه الحق ، فهم تائهون فى عماية لا يهتدون معها إلى مطلوب ، تعترضهم الشبهات التي تلبس الحق بالباطل ، والصواب بالخطأ إن لم يضلّوا فى شئون الدنيا ضلوا فى شئون الحياة الأخرى ، فمن حرم هدى الدين ظهر أثر الاضطراب فى أحواله المعيشية وحلت به الرزايا ، والذين جاءوا على فترة من الرسل لا يكلّفون بشريعة ، ولا يعذبون فى الآخرة لقوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً).
وهذا رأى جمهرة العلماء ، وترى فئة منهم أن العقل وحده كاف فى التكليف ، فمتى أوتيه الإنسان وجب عليه النظر فى ملكوت السموات والأرض والتدبر والتفكر فى خالق الكون ، وما يجب له من عبادة وإجلال ، بقدر ما يهديه عقله ويصل إليه اجتهاده ، وبذلك ينجو من عذاب النار يوم القيامة ، فإن لم يفعل ذلك كان من الهالكين.
(آمين) اسم بمعنى استجب ، وفيه لغتان : المد كما قال شاعرهم :
يا رب لا تسلبنّى حبها أبدا |
|
ويرحم الله عبدا قال آمينا |
والقصر كما قال الآخر : |
|
أمين فزاد الله ما بيننا بعدا |