صلاة الظهر يوم الجمعة بشرط عدم حضور الإمام ، أو لا بشرط ، كجواز السلام على المؤمن مطلقا بالقياس إلى العدالة مثلا ـ أي لا بشرط وجودها ولا بشرط عدمها ـ ، كما يجوز أن تكون مهملة غير مقيسة إلى شيء غير محمولها.
ولكن قد يستشكل في كلّ ذلك بأنّ هذه الاعتبارات الثلاثة اعتبارات ذهنيّة ، لا موطن لها إلاّ الذهن ، فلو تقيّدت الماهيّة بأحدها عند ما تؤخذ موضوعا للحكم للزم أن تكون جميع القضايا ذهنيّة عدا حمل الذاتيّات التي قد اعتبرت فيها الماهيّة من حيث هي ، ولبطلت القضايا الخارجيّة والحقيقيّة ، مع أنّها عمدة القضايا ، بل لاستحال في التكاليف الامتثال ؛ لأنّ ما موطنه الذهن يمتنع إيجاده في الخارج (١).
وهذا الإشكال وجيه لو كان الحكم على الموضوع بما هو معتبر بأحد الاعتبارات الثلاثة على وجه يكون الاعتبار قيدا في الموضوع أو نفسه هو الموضوع. ولكن ليس الأمر كذلك ، فإنّ الموضوع في كلّ تلك القضايا هو ذات الماهيّة المعتبرة ولكن لا بقيد الاعتبار ، بمعنى أنّ الموضوع في «بشرط شيء» الماهيّة المقترنة بذلك الشيء ، لا المقترنة بلحاظه واعتباره ، وفي «بشرط لا» الماهيّة المقترنة بعدمه ، لا بلحاظ عدمه ، وفي «لا بشرط» الماهيّة غير الملاحظ معها الشيء ولا عدمه ، لا الملاحظة بعدم لحاظ الشيء وعدمه ، وإلاّ لكانت الماهيّة معتبرة في الجميع بشرط شيء فقط ، أي بشرط اللحاظ والاعتبار.
نعم ، هذه الاعتبارات هي المصحّحة لموضوعيّة الموضوع على الوجه اللازم الذي يقتضيه واقع الحكم ، لا أنّها مأخوذة قيدا فيه حتّى تكون جميع القضايا ذهنيّة. ولو كان الأمر كذلك ، لكان الحكم بالذاتيّات أيضا قضيّة ذهنيّة ؛ لأنّ اعتبار الماهيّة من حيث هي أيضا اعتبار ذهنيّ.
وممّا يقرّب ما قلناه ـ من كون الاعتبار مصحّحا لموضوعيّة الموضوع لا مأخوذا فيه مع أنّه لا بدّ منه عند الحكم بشيء ـ أنّ كلّ موضوع ومحمول لا بدّ من تصوّره في مقام
__________________
(١) هذا ما أفاده المحقّق الخراسانيّ في كفاية الأصول : ٢٨٣. وراجع حاشية المشكيني على الكفاية (الطبع الحجريّ) ١ : ٣٧٧.