المصداقيّة ، إذا كان المخصّص لبّيّا ، دون ما إذا كان لفظيا. (١)
وإذا كان الإجماع حجّة من جهة كشفه عن قول المعصوم فلا يجب فيه اتّفاق الجميع بغير استثناء ، كما هو مصطلح أهل السنّة على مبناهم ، بل يكفي اتّفاق كلّ من يستكشف من اتّفاقهم قول المعصوم ، كثروا أم قلّوا ، إذا كان العلم باتّفاقهم يستلزم العلم بقول المعصوم ، كما صرّح بذلك جماعة من علمائنا.
قال المحقّق في «المعتبر» ـ بعد أن أناط حجّيّة الإجماع بدخول المعصوم ـ : «فلو خلا المائة من فقهائنا من قوله لما كان حجّة ، ولو حصل في اثنين كان قولهما حجّة» (٢).
وقال السيّد المرتضى ـ على ما نقل عنه ـ : «إذا كان علّة كون الإجماع حجّة كون الإمام فيهم فكلّ جماعة ـ كثرت أو قلّت ـ كان الإمام في أقوالها فإجماعها حجّة». (٣)
إلى غير ذلك من التصريحات المنقولة عن جماعة كثيرة من علمائنا. (٤) ولكن سيأتي أنّه على بعض المسالك في الإجماع لا بدّ من إحراز اتّفاق الجميع. (٥)
وعلى هذا ، فيكون تسمية اتّفاق جماعة من علماء الإماميّة بالإجماع مسامحة ظاهرة ؛ فإنّ الإجماع حقيقة عرفيّة في اتّفاق جميع العلماء من المسلمين على حكم شرعيّ. ولا يلزم من كون مثل اتّفاق الجماعة القليلة حجّة أن يصحّ تسميتها بالإجماع. ولكن قد شاع هذا التسامح في لسان الخاصّة من علماء الإماميّة على وجه أصبح لهم اصطلاح آخر فيه ، فيراد من الإجماع عندهم كلّ اتّفاق يستكشف منه قول المعصوم ، سواء كان اتّفاق الجميع أو البعض ، فيعمّ القسمين.
والخلاصة [أنّ] التي نريد أن ننصّ عليها ، وتعنينا من البحث أنّ الإجماع إنّما يكون حجّة إذا علم بسببه ـ على سبيل القطع ـ قول المعصوم ، فما لم يحصل العلم بقوله ـ وإن
__________________
(١) مطارح الأنظار : ١٩٤ ، ولكن في نسبته إليه نظر ، كما مرّ في التعليقة (٢) من الصفحة ١٦٥.
(٢) المعتبر في شرح المختصر ١ : ٦.
(٣) انتهى كلامه ملخّصا على ما نقل عنه الشيخ الأنصاريّ في : فرائد الأصول ١ : ٨٠ ، وراجع كلامه في الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٦٣٠.
(٤) وإن شئت فراجع فرائد الأصول ١ : ٧٩ ـ ٨٠.
(٥) وهو مسلك الحدس ، كما يأتي في الصفحة : ٣٦١.