المشهور ـ وإن كانت القاعدة الأوّليّة العقليّة هي التساقط ، فلا بدّ أن نرجع إلى مقدار دلالة أخبار الباب. فإن استفدنا منها التخيير مطلقا حتى مع وجود المرجّحات ، فذلك دليل على عدم اعتبار الترجيح مطلقا بأيّ مرجح كان. وإن استفدنا منها التخيير في صورة تكافؤ المتعارضين فقط ، فلا بدّ من استفادة الترجيح من نفس الأخبار ، إمّا بكلّ مزيّة ، أو بخصوص المزايا المنصوصة ، وقد عرفت أنّ الشيخ الأعظم قدسسره يستفيد منها العموم.
إذا عرفت ما شرحناه فإنّك تعرف أنّ الحقّ على كلّ حال ما ذهب إليه الشيخ الأعظم قدسسره الذي هو مذهب المشهور ، وهو الترجيح بكلّ مزيّة توجب أقربيّة الأمارة إلى الواقع نوعا ، وذلك بناء على المختار من أنّ القاعدة هي التساقط ؛ فإنّها مخصوصة بما إذا كان المتعارضان متكافئين.
وأمّا : ما فيه المزيّة الموجبة لأقربيّة الأمارة إلى الواقع في نظر الناظر فإنّ بناء العقلاء مستقرّ على العمل بذي المزيّة الموجبة للأقربيّة إلى الواقع ـ كما تقدّم ـ ، ولا نحتاج بناء على هذا إلى استفادة عموم الترجيح من الأخبار ، وإن كان الحقّ أنّ الأخبار تشعر بذلك ، فهي تؤيّد ما نقول ، ولا حاجة إلى التطويل في بيان وجه الاستفادة منها. (١)
هذا آخر ما أردنا بيانه في مسألة التعادل والتراجيح ، وبقيت هنا أبحاث كثيرة في هذه المسألة ، نحيل الطالب فيها إلى المطوّلات. (٢)
والحمد لله ربّ العالمين.
تمرينات (٦٥)
١. ما هي أصناف المرجّحات؟
٢. هل تدلّ الروايات على الترجيح بالأحدث أم لا؟
٣. هل تدلّ مقبولة ابن حنظلة على الترجيح بالصفات؟
٤. هل تدلّ الروايات على الترجيح بموافقة الكتاب؟
__________________
(١) وإن شئت فراجع فرائد الأصول ٢ : ٧٨١ ـ ٧٨٢.
(٢) فراجع فرائد الأصول ٢ : ٧٦٠ ـ ٨٢٤ ، وكفاية الأصول : ٤٩٧ ـ ٥٢٥ ، وفوائد الأصول ٤ : ٧٠٠ ـ ٧٩٥.