عن إحدى صور ثلاث :
أ : أن يكون التكليف مجهولا مطلقا ـ أي لم يعلم حتى بجنسه ـ. وهذه هي مجرى «أصالة البراءة».
ب : أن يكون التكليف معلوما في الجملة مع إمكان الاحتياط. وهذه مجرى «أصالة الاحتياط».
ج : أن يكون التكليف معلوما كذلك ولا يمكن الاحتياط. وهذه مجرى «قاعدة التخيير».
وقبل الكلام في كلّ واحدة من هذه الأصول لا بدّ من بيان أمور من باب المقدّمة ؛ تنويرا للأذهان. وهي :
الأوّل : أنّ الشكّ في الشيء ينقسم باعتبار الحكم المأخوذ فيه على نحوين :
١. أن يكون مأخوذا موضوعا للحكم الواقعيّ ، كالشكّ في عدد ركعات الصلاة ؛ فإنّه قد يوجب في بعض الحالات تبدّل الحكم الواقعيّ إلى الركعات المنفصلة.
٢. أن يكون مأخوذا موضوعا للحكم الظاهريّ. وهذا النحو هو المقصود بالبحث في المقام. وأمّا النحو الأوّل فهو يدخل في مسائل الفقه.
الثاني : أنّ الشكّ في الشيء ينقسم باعتبار متعلّقه ـ أي الشيء المشكوك فيه ـ على نحوين :
١. أن يكون المتعلّق موضوعا خارجيّا ، كالشكّ في طهارة ماء معيّن ، أو في أنّ هذا المائع المعيّن خلّ أو خمر. وتسمّى الشبهة حينئذ «موضوعيّة».
٢. أن يكون المتعلّق حكما كلّيّا ، كالشكّ في حرمة التدخين ، أو أنّه من المفطرات للصوم ، أو نجاسة العصير العنبيّ إذا غلا قبل ذهاب ثلثيه. وتسمّى الشبهة حينئذ «حكميّة».
والشبهة الحكميّة هي المقصودة بالبحث في هذا المقصد الرابع ، وإذا جاء التعرّض لحكم الشبهات الموضوعيّة فإنّما هو استطراديّ قد تقتضيه طبيعة البحث ، باعتبار أنّ هذه الأصول في طبيعتها تعمّ الشبهات الحكميّة والموضوعيّة في جريانها ، وإلاّ فالبحث عن