والنبوة والمعاد مرتبة أصبح بها كالمشاهد لها وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والقرآن لهؤلاء بصائر ، ومنهم من دون ذلك والقرآن لهم هدى ، وهو فى حق المؤمنين عامة رحمة ، لا جرم قال «لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ».
(وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤) وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (٢٠٦))
تفسير المفردات
الاستماع : أخص من السمع ، لأنه إنما يكون بقصد ونية أو توجيه الحاسة إلى الكلام لإدراكه ، أما السمع : فيحصل ولو بغير قصد ، والإنصات : السكوت للاستماع حتى لا يكون شاغل عن الإحاطة بكل ما يقرأ ، والتضرع : إظهار الضراعة ، وهى الذلة والضعف والخضوع ، والخيفة : حالة الخوف والخشية ، ودون الجهر : أي ذكرا دون الجهر برفع الصوت وفوق التخافت والسر : بأن يذكر ذكرا وسطا ، والغدو : جمع غدوة ، وهى ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس ، والآصال : جمع أصيل ، وهو العشى من وقت العصر إلى غروب الشمس ، ويسبحونه : ينزهونه عما لا يليق به ؛ ويسجدون أي يصلون.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه مزايا القرآن الكريم وأنه آيات بينات للمؤمنين وهدى ورحمة لهم ـ قفّى على ذلك بذكر الدلائل على الطريق الموصلة لنيل الرحمة به ، والفوز بالمنافع الجليلة التي ينطوى عليها وهى الإنصات له إذا قرئ.