إلى نحو ذلك من المعاصي كنوح الأمهات وتمزيق ثيابهن ولطم وجوههن ؛ وعلى الجملة ففتنة الأولاد أكثر من فتنة الأموال ، فالرجل يكسب المال الحرام ويأكل أموال الناس بالباطل لأجل الأولاد.
فيجب على المؤمن أن يتقى الفتنتين ، فيتقى الأولى بكسب المال من الحلال وإنفاقه فى سبيل البر والإحسان ، ويتقى خطر الثانية من ناحية ما يتعلق منها بالمال ونحوه بما يشير إليه الحديث. ومن ناحية ما أوجبه الدين من حسن تربية الأولاد وتعويدهم الدين والفضائل وتجنيبهم المعاصي والرذائل.
(وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) فعليكم أن تؤثروا ما عند ربكم من الأجر العظيم بمراعاة أحكام دينه فى الأموال والأولاد على ما عساه قد يفوتكم فى الدنيا من التمتع بهما.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩))
تفسير المفردات
التقوى : ترك الذنوب والآثام ، وفعل ما يستطاع من الطاعات والواجبات الدينية ، وبعبارة أخرى : هى اتقاء ما يضر الإنسان فى نفسه وفى جنسه ، وما يحول بينه وبين المقاصد الشريفة والغايات الحسنة ، والفرقان : أصله الفرق والفصل بين الشيئين أو الأشياء ، ويراد به هنا نور البصيرة الذي به يفرق بين الحق والباطل والضّارّ والنافع ، وبعبارة ثانية : هو العلم الصحيح والحكم الرجيح ، وقد أطلق هذا اللفظ على التوراة والإنجيل والقرآن وغلب على الأخير قال تعالى «تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً» من قبل أن كلامه تعالى يفرق فى العلم والاعتقاد بين الإيمان والكفر ، والحق والباطل ، والعدل والجور ، والخير والشر.