والفقهاء أفتوا هنا كذلك لذلك ، وقد عرفت أنّ غسل الميّت حقيقة هو غسل الجنابة ، وإن لم يكن هو هو ، فلا شكّ في اتّحادهما هيئة ، وكونه مثل غسل الجنابة.
مضافا إلى ما مرّ من اتّحاد هيئة نفس الغسل شرعا ، وأنّه لولاه لما أمكن إثبات هيئة غسل مستحب أصلا ، ولا إثبات هيئة غسل واجب ، سوى غسل الجنابة والميّت ، مثلا نقول : غسل الجمعة مستحب ، فهو غسل مطلوب ، وكلّ غسل مطلوب شرعا يكون بهيئة كذا ، فغسل الجمعة بهيئة كذا ، حتّى تعرف أنّه ما هو؟ وبأيّ كيفيّة هو؟ حتّى تأتي به.
وكذلك نقول : غسل النفاس ـ مثلا ـ غسل مطلوب شرعا ، وكلّ غسل مطلوب شرعا فهو بهيئة كذا وكذا ، فغسل النفاس بهيئة كذا وكذا ، فلو كان لنا كبرى كلّية معلومة على حسب ما ذكرت فهو ، ويمكننا الامتثال.
ولو لم يكن تلك الكبرى الكلّية حقّا ومعلومة لنا ، لما أمكننا الامتثال أصلا ، إلّا أن يثبت من النصّ في كلّ موضع موضع هيئة ذلك الغسل ، حتّى يمكننا الامتثال.
ومن البديهيّات عدم ورود نصّ كذلك ، سوى ما ورد في خصوص الجنابة وفي خصوص غسل الميّت ، وهما مختصّان بموضعهما ، فلو لا بداهة اتّحاد الكلّ في الماهيّة وصحّة تلك الكبرى الكليّة ، لما كان فيهما نفع لغير هما أصلا.
وأمّا تخليل الشعر ومسح سائر الجسد عقيب كلّ غوصة ، فللاستظهار ، إذ غاية ما ورد أنّ الارتماسة الواحدة تجزي ، وهذا لا ينافي استحباب الاستظهار ، فتأمّل!