الجنابة اليقينيّة ، فكذا بعد إتمام هذا الغسل الذي وقع في أثنائه الحدث الأصغر ، استصحابا للحالة السابقة ، وعدم دليل على خروجه عن العهدة ، لعدم العلم ولا الظنّ بأنّه هو الذي طلب منه ، لو لم نقل بحصول الظن بخلافه ، للاستصحاب وغيره ، ممّا ذكر وسنذكر.
سيّما أن يكون الباقي من جسده بعد الحدث مقدار رأس إبرة وأقلّ منه ، ووقع منه أحداث كثيرة غير عديدة ، فيكون اكتفى لرفع الجميع بغسل ذلك المقدار القليل غاية القلّة ، وهو أمر مستبعد عند المتشرّعة بحيث يتحاشّون عنه ، إلّا أن يعاد الغسل أو يتوضّأ مع ذلك.
لكن بعد ملاحظة الأخبار والفتاوى في منع الوضوء مع غسل الجنابة ، وأنّه لا أثر له معه أصلا ، لم يثبت كون الوضوء في المقام نافعا ومؤثّرا بانضمامه مع الباقي ، إذ لا بدّ من ثبوت الرافع والمؤثّر من الشرع ، بل ربّما يكون الظاهر منهما خلاف ذلك ، حتّى أنّه لو تمكّن من رفع الأصغر بالوضوء دون الأكبر ورد النهي عن الوضوء والأمر بالتيمم خاصّة. وعلّل ذلك بأنّ الله جعل عليه نصف الوضوء.
هذا ، وغير ذلك من المؤيّدات التي أفتى الأصحاب بها ، مع أنّه إذا ثبت وجوب الإعادة ثبت عدم وجوب الوضوء ، لعدم القائل بالفصل ، وعدم جواز إحداث قول زائد عندنا ، فتعيّن أن يكون المؤثّر والرافع هو الإعادة ، فتأمّل!
ويدلّ عليه أيضا ما رواه الصدوق رحمهالله في كتاب «عرض المجالس» عن الصادق عليهالسلام قال : «لا بأس بتبعيض الغسل : تغسل يدك وفرجك ورأسك ، وتؤخّر غسل جسدك إلى وقت الصلاة ثمّ تغسل جسدك إذا أردت ذلك ، فإن أحدثت حدثا من بول أو غائط أو ريح أو مني بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أوّله» (١).
__________________
(١) نقل عنه في مدارك الأحكام : ١ / ٣٠٨ ، راجع! وسائل الشيعة : ٢ / ٢٣٨ الحديث ٢٠٣٩.